responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 367
ذلك أمر طبيعى، فإن هذا العقل السائح فى ملكوت الله لا يستطيع أن يكشفه جملة، ولا أن يصل إلى مكنوناته طفرة، فهو لا بد أن يبلغ المدة التى كتبها الله له باحثا منقبا [1] ولا بد أن يصل إلى الحقائق متدرجا، ولا بد أن يخطئ مرة ويصيب أخرى، فيتلقى عن الخطأ درسا، ويكشف بالصواب حقيقة، وهكذا دواليك، على أن العقل مهما بلغ من الكمال فهو لم يصل بعد إلى حقيقة شيء من الأشياء، إنما كل ما ظفر به بعض العوارض والصفات التى تنفع الناس؛ أما حقائق البسائط المجردة فهو لم يصل إلى شىء منها بعد. وأغلب الظن أن ذلك ليس من شأنه، ولا مما يعنيه، وإنما هو سر الخلق الذى استأثر الله بعلمه.
وإليك بعض أقوال علماء الكون فى ذلك نستفتحها بقول الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده فى «رسالة التوحيد» فى هذا المقام.
«إذا قدرنا عقل البشر قدره وجدنا غاية ما ينتهى إليه كماله إنما هو الوصول إلى معرفة عوارض بعض الكائنات التى تقع تحت الإدراك الإنسانى حسا كان أو وجدانا أو تعقلا، ثم التوصل بذلك إلى معرفة مناشئها، وتحصيل كليات لأنواعها، والإحاطة ببعض القواعد لعروض ما يعرض لها، وأما الوصول إلى كنه حقيقته فمما لا تبلغه قوته، لأن اكتناه المركبات إنما هو باكتناه ما تركبت منه، وذلك ينتهى إلى البسيط الصرف وهو لا سبيل إلى اكتناهه بالضرورة، وغاية ما يمكن عرفانه منه هو عوارضه وآثاره.
خذ أظهر الأشياء وأجلاها كالضوء ... قرر الناظرون فيه أن له أحكاما كثيرة حصلوها فى علم خاص به ولكن لم يستطع ناظر أن يفهم ما هو؟ ولا أن يكنه معنى الإضاءة نفسها، وإنما يعرف من ذلك ما يعرف كل بصير له عينان وعلى هذا القياس» اه.
وتحدث الفيلسوف الفرنسى [2] (جوستاف لوبون) [3] فى كتابه (تحول المادة) عن

[1] مفتشا وكاشفا.
[2] هذه الشواهد منقولة من كتاب (على أطلال المذهب المادى) للأستاذ محمد فريد وجدى (البنا).
والكتاب من تأليف كاميل فلا مريون، وقد عربه الأستاذ محمد فريد وجدى، وطبعته مطبعة دائرة معارف القرن العشرين سنة 1346 هـ- 1927 م.
[3] طبيب وعالم اجتماعى فرنسى منصف، وهو من رواد علم الاجتماع، ولد عام 1841 م، وتوفى عام:
1931 م، كتب عدة كتب مهمة، منها: (حياة الحقائق) ومنها- وهو أهمها- كتابه: (حضارة العرب) أنصف فيه العرب المسلمين، وبين أن ما يكتبه المستشرقون المتعصبون من نفى التحضر عن المسلمين، ليس له سند تاريخى.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 367
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست