responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 206
من أخلاق الأمم الناهضة: الصبر (1)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران: 200].
وعدتك فى عدد سابق أن أتحدّث إليك عن الصبر.
فالصبر خلق كريم يقوم بالنفس فتحتمل المشاق، وتغالب المصاعب، وترضى بمقاومة الميول والعواطف والأهواء، وهم يقولون: الصبر فى مواطن كثيرة، فمنها: الصبر على الشدائد والنكبات، ومنها: الصبر على أداء الواجبات ومزاولة الطاعات، ومنها: الصبر على الحرمان من لذائذ المعاصى والبعد عن تناول الشهوات، ومنها: الصبر حين البأس، وقد التقى الجمعان وحمى الوطيس، وكشّرت الحرب عن نابها، وشمّرت عن ساقها، وهو فى كلّ هذه المواطن خلق كريم.
وليس منه أن تصبر على الإهانة تنال من أمتك، أو تنتقص من كرامتك، أو تهتك من سترك، أو تمس عرضك، فقد وصف الله المؤمنين فقال: وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ [الشورى: 39].
والصبر الذى علمته آنفا وليد الإيمان، وثمرة معرفة الله تبارك وتعالى وتفسير الآية الكريمة وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب: 36]، وهو الذى حدا بمؤمن آل فرعون أن يقول: وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ [غافر: 44].
وهو أيضا قرين الرجولة الصادقة، وخدن الإباء والشمم، فكم من مصيبة صغرتها الرجولة، ونائبة تضاءلت أمام عظمة الإباء، ومقام ضيق فرّجته الأنفة من الجزع، ولقد

(1) نشرت فى مجلة (جريدة الإخوان المسلمين) الأسبوعية فى العدد (14) من السنة الرابعة الصادر فى 25 من ربيع الآخر سنة 1355 هـ- 14 من يوليو سنة 1936 م. ويلاحظ القارئ أن الآية ليست من سورة البقرة، وقد وضعناها ضمن تفسير سورة البقرة، لارتباط المقال بالمقال السابق.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 206
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست