responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 205
فإذا دربت نفسه على الصبر، وقويت روحه بمقاومة الخوف، وقوى جسمه بمقاومة الجوع، وتحرّر من أغلال البيئة وقيود المألوفات تحقّق له قوله تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة: 155] يبشرهم بحسن الأجر، وجزيل الثواب فى الدنيا بالمناعة التى تخفّف وقع المصائب وفى الآخرة بالنعيم المقيم.
ولما كان أعظم شىء يساعد على الصبر، ويتقوّى به الإنسان على مرارة هذه التدريبات: اللجأ إلى الله تبارك وتعالى، وتذكّر الغاية السابقة، وتمثّل المثل الأعلى، وقد يهون على المستنجح العمل، لهذا كان أحسن شعار للمبتلى عند الابتلاء: أن يضع مراقبة الله نصب عينيه، وأن يهتف من أعماق قلبه مسترجعا، وأن يحقق معنى قوله تعالى: الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ [البقرة: 156] وفى هذا التركيب العجيب من لطائف اللطائف وعوارف المعارف ما يدق ويرق وما هو بهذا النظام أليق وأخلق.
وحسب الإنسان أن يذكر فى محنته أن لله بدأه، ولله نهايته ليكون لله فيما بينهما:
قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ [آل عمران: 154].
أما البشرى فقد أشارت إلى مضمونها الآية الكريمة فى قوله تعالى: أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة: 157] سمعها عمر رضى الله عنه فقال: نعم العدلان ونعمت العلاوة.
والصلاة من الله على عبد: الثناء والتشريف والتكريم والرحمة والعطف والعفو وإغداق النعم ظاهرة وباطنة، فالأولى إشارة إلى اللطائف الروحية، ولهذا عبّر عنها بلفظ الصلاة، والثانية إشارة إلى اللطائف الحسية وهذه عبر عنها بلفظ الرحمة، ومن جمع الله له هذه الصفات فى الدنيا، وهذه المنح فى الآخرة فقد هدى إلى صراط مستقيم، ولنا فى الصبر وثوابه والدوافع إليه كلمات أخرى إن شاء الله.

اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 205
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست