اسم الکتاب : مختصر الإنصاف والشرح الكبير المؤلف : محمد بن عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 339
الله، ولولا أني أُخرجت منك ما خرجت"، [1] وإنما "كره عمر المجاورة بمكة لمن هاجر منها". "وجابر بن عبد الله جاور بمكة بعد". وجميع أهل البلاد ليس بمنزلة من يهاجر. "وابن عمر كان يقيم بمكة". والمقام بالمدينة أحب إليَّ من المقام بمكة لمن قوي عليها، لأنها مهاجَر المسلمين. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يصبر أحد على لأوائها وشدتها، إلا كنت له شفيعاً يوم القيامة. ومن أتى مكة فأقام، فلا وداع عليه". [2] وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: إن نوى الإقامة بعد أن حل له النفر، لم يسقط الطواف. ولنا: أنه غير مفارق، فيلزمه وداع، كمن نواها قبل حل النفر. وأما الخارج فلا يخرج حتى يودّع البيت بالطواف، وهو واجب يجب بتركه دم. وقال الشافعي: لا يجب بتركه شيء، لسقوطه عن الحائض. ولنا: أنه مأمور به، وسقوطه عن المعذور لا يوجب سقوطه عن غيره، كالصلاة. بل تخصيص الحائض بسقوطه، دليل على وجوبه على غيرها. ولا وداع على من منزله بالحرم، لأنهم كانوا أهل مكة. وإن كان منزله خارج الحرم قريباً منه، فعليه الوداع. وقال أصحاب الرأي في أهل بستان ابن عامر وأهل المواقيت: إنهم بمنزلة أهل مكة. ولنا: قوله: "لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده البيت". [3] فإن ودع ثم اشتغل بتجارة أو أقام، أعاد؛ وبه قال الشافعي ومالك. وقال أصحاب الرأي: إذا طاف الوداع أو تطوع بعد ما حل له النفر، أجزأه وإن أقام شهراً. ولنا: الحديث المتقدم.
وإن قضى حاجة في طريقه أو اشترى زاداً أو شيئاً لنفسه في طريقه، لم يعد، لأنه ليس بإقامة، ولا نعلم فيه خلافاً.
فإن أخر طواف الزيارة فطافه عند الخروج، أجزأ، وعنه: لا. ومن خرج قبل الوداع، فعليه الرجوع إن كان قريباً. وكان عطاء يرى الطائف قريباً. وقال الثوري: ما خرج من [1] الترمذي: المناقب (3925) , والدارمي: السير (2510) . [2] مسلم: الحج (1377) , والترمذي: المناقب (3918) , وأحمد (2/119) . [3] مسلم: الحج (1327) , وأبو داود: المناسك (2002) , وابن ماجة: المناسك (3070) , وأحمد (1/222) , والدارمي: المناسك (1932) .
اسم الکتاب : مختصر الإنصاف والشرح الكبير المؤلف : محمد بن عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 339