responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 32
أَفَادَتْكُمْ النَّعْمَاءُ مِنِّي ثَلَاثَةً ... يَدِي وَلِسَانِي وَالضَّمِيرَ الْمُحَجَّبَا
وَالشُّكْرُ لُغَةً هُوَ الْحَمْدُ عُرْفًا، وَعُرْفًا صَرْفُ الْعَبْدِ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ عَلَيْهِ مِنْ السَّمْعِ وَغَيْرِهِ إلَى مَا خُلِقَ لِأَجْلِهِ.
وَالْمَدْحُ لُغَةً الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ عَلَى الْجَمِيلِ مُطْلَقًا عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ، وَعُرْفًا مَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِ الْمَمْدُوحِ بِنَوْعٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَى الْجُمْلَةِ، وَأَنَّ الْمَفْتُوحَةُ الْهَمْزَةِ وَمَعْمُولَاهَا فِي تَأْوِيلِ الْمُفْرَدِ.
قَوْلُهُ: (عَلَى الْحَامِدِ) فِيهِ دَوْرٌ، لِأَنَّ الْحَامِدَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْحَمْدِ، وَالْحَمْدُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْحَامِدِ لِكَوْنِهِ مَأْخُوذًا فِي تَعْرِيفِهِ. وَأُجِيبُ: بِأَنَّهُ تَعْرِيفٌ لَفْظِيٌّ، أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ حَيْثُ إلَخْ خَارِجٌ عَنْ التَّعْرِيفِ أَوْ الْمُرَادُ بِالْحَامِدِ ذَاتِهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ حَامِدًا.
قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهِ) سَوَاءٌ كَانَ لِلْغَيْرِ خُصُوصِيَّةٌ بِالْحَامِدِ كَوَلَدِهِ وَصَدِيقِهِ أَوْ لَا وَلَوْ كَافِرًا ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (وَمَحَبَّةً) عَطْفُ مُغَايِرٍ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِاعْتِقَادِ الْمَحَبَّةُ وَلَا الْعَكْسُ، وَالْأَوْلَى حَذْفُهُ أَيْ حَذْفُ قَوْلِهِ وَمَحَبَّةً قَوْلُهُ: (وَخِدْمَةً) عَطْفُ مُرَادِفٍ.
قَوْلُهُ: (بِالْأَرْكَانِ) أَيْ غَيْرِ اللِّسَانِ قَوْلُهُ: (كَمَا قِيلَ إلَخْ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ إلَخْ قَوْلُهُ: (أَفَادَتْكُمْ) أَيْ أَوْصَلَتْكُمْ مِنِّي النِّعْمَةُ الصَّادِرَةُ مِنْكُمْ أَعْمَالًا ثَلَاثَةً، فَالنَّعْمَاءُ بِالْفَتْحِ بِمَعْنَى النِّعْمَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُخْتَارِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ اسْمَ جَمْعٍ بِمَعْنَى النِّعَمِ، وَمِنِّي مُتَعَلِّقٌ بِأَفَادَتْكُمْ.
وَقَوْلُهُ: (ثَلَاثَةٌ) عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ أَعْمَالٌ ثَلَاثَةٌ. قَالَ فِي شَرْحِ الْوُسْطَى وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ يُطْلِقْ الشَّاعِرُ لَفْظَ الْحَمْدِ عَلَى الثَّلَاثَةِ حَتَّى يُسْتَدَلَّ بِلَفْظِهِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ فِيهِ اسْتِدْلَالًا مَعْنَوِيًّا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ جَعَلَ أَعْمَالَ الثَّلَاثَةِ جَزَاءً لِلنِّعْمَةِ، وَكُلُّ جَزَاءٍ لِلنِّعْمَةِ فَهُوَ حَمْدٌ عُرْفًا فَيَنْتِجُ مِنْ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ أَعْمَالِ الثَّلَاثَةِ حَمْدٌ عُرْفًا وَهُوَ ظَرِيفٌ فَاحْفَظْهُ.
قَوْلُهُ: (يَدِي) أَيْ أَعْمَالُ يَدِي بِالْإِشَارَةِ بِهَا، وَكَذَا يُقَدَّرُ الْمُضَافُ فِيمَا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (وَالضَّمِيرُ الْمُحَجَّبَا) أَيْ الْقَلْبُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الضَّمِيرِ فَهُوَ مِنْ إطْلَاقِ الْحَالِ عَلَى الْمَحَلِّ اهـ م د. وَهَذَا لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ كَلَامُ الشَّاعِرِ مُحْتَمَلٌ، فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ أَفَادَتْكُمْ إلَخْ أَنَّ نِعْمَتَكُمْ عَلَيَّ مَلَّكَتْكُمْ مِنِّي أَعْضَائِي الثَّلَاثَةَ فَهُوَ كَمَا قَالَ الْمُحَشِّي، وَيَكُونُ مِثْلُ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: الْإِنْسَانُ يُمْلَكُ بِالْإِحْسَانِ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُ الشَّاعِرِ أَنَّ نِعْمَتَكُمْ عَلَيَّ مَلَّكَتْكُمْ مِنِّي أَعْمَالَ جَوَارِحِي وَخِدْمَتِي لَكُمْ كَانَ التَّقْدِيرُ عَمَلَ يَدِي وَخِدْمَتِي بِهَا، وَذِكْرِي بِلِسَانِي وَضَمِيرِ قَلْبِي أَيْ مَحَبَّتِي وَاعْتِقَادِي، وَقَدْ قَالَ الشَّارِحُ مَعْنَى هَذَا الثَّانِي فَيَكُونُ الضَّمِيرَ الْمُحَجَّبَ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَفِي الْأَوَّلِ مِنْ الْمَجَازِ بِتَقْدِيرِ الْمُضَافِ عَلَى مَا عَرَفْته.
قَوْلُهُ: (وَالشُّكْرُ إلَخْ) لَمَّا كَانَ الشُّكْرُ وَالْحَمْدُ أَخَوَيْنِ وَذِكْرُ الْحَمْدِ احْتَاجَ إلَى تَعْرِيفِ الشُّكْرِ فَهُوَ اسْتِطْرَادِيٌّ.
قَوْلُهُ: (صَرْفُ الْعَبْدِ) أَيْ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْعَبْدُ أَعْضَاءَهُ وَمَعَانِيَهُ فِيمَا طَلَبَ الشَّارِعُ اسْتِعْمَالَهَا مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَسَمَاعِ نَحْوِ عِلْمٍ وَهَكَذَا، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي أَوْقَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ ق ل. قَالَ سم: إذَا صَرَفَ الْعَبْدُ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ فِي آنٍ وَاحِدٍ سُمِّيَ شَكُورًا.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13] وَإِذَا صَرَفَهَا فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ سُمِّيَ شَاكِرًا. قَالَ شَيْخُنَا ع ش: وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُ صَرْفِهَا كُلِّهَا فِي آنٍ وَاحِدٍ بِمَنْ حَمَلَ جِنَازَةً مُتَفَكِّرًا فِي مَصْنُوعَاتِهِ عَزَّ وَجَلَّ، نَاظِرًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ لِئَلَّا يَزِلَّ بِالْمَيِّتِ مَاشِيًا بِرِجْلَيْهِ إلَى الْقَبْرِ شَاغِلًا لِسَانَهُ بِالذِّكْرِ، وَأُذُنَهُ بِاسْتِمَاعِ مَا فِيهِ ثَوَابٌ كَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ اهـ إطفيحي. وَبَقِيَ ذِكْرُ الْآدَمِيِّ فَانْظُرْ أَيَّ شَيْءٍ يَكُونُ مَصْرُوفًا فِيهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ.
قَوْلُهُ: (وَعُرْفًا مَا يَدُلُّ) أَيْ مِنْ فِعْلٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ، وَقَدْ نَظَمَ الْعَلَّامَةُ سَيِّدِي عَلِيٌّ الَأُجْهُورِيُّ الْمَالِكِيُّ النَّسَبَ بَيْنَهَا فَقَالَ:
إذَا نَسَبَا لِلْحَمْدِ وَالشُّكْرِ رُمْتهَا ... بِوَجْهٍ لَهُ عَقْلُ اللَّبِيبِ يُوَالِفُ
فَشُكْرٌ لَدَى عُرْفٍ أَخُصُّ جَمِيعَهَا ... وَفِي لُغَةٍ لِلْحَمْدِ عُرْفًا يُرَادِفُ
عُمُومٌ لِوَجْهٍ فِي سِوَاهُنَّ نِسْبَةٌ ... فَذِي نَسَبٍ سِتٌّ لِمَنْ هُوَ عَارِفُ
أَيْ إنَّ الشُّكْرَ الِاصْطِلَاحِيَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ أَعْنِي الْحَمَدَيْنِ وَالشُّكْرَ اللُّغَوِيَّ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ، فَهَذِهِ ثَلَاثُ نِسَبٍ، وَبَيْنَ الشُّكْرِ اللُّغَوِيِّ وَالْحَمْدِ الْعُرْفِيِّ التَّرَادُفُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَفِي لُغَةٍ أَيْ: وَالشُّكْرُ فِي اللُّغَةِ يُرَادِفُ الْحَمْدَ

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 32
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست