responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 31
فَإِنَّهُ يَعُمُّ الِاخْتِيَارِيَّ وَغَيْرَهُ تَقُولُ مَدَحْت اللُّؤْلُؤَةَ عَلَى حُسْنِهَا دُونَ حَمِدْتهَا وَبِعَلَى جِهَةِ التَّبْجِيلِ مَا كَانَ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِهْزَاءِ وَالسُّخْرِيَةِ نَحْوَ {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان: 49] وَعُرْفًا فِعْلٌ يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُنْعِمٌ عَلَى الْحَامِدِ أَوْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذِكْرًا بِاللِّسَانِ أَمْ اعْتِقَادًا وَمَحَبَّةً بِالْجَنَانِ أَوْ عَمَلًا وَخِدْمَةً بِالْأَرْكَانِ كَمَا قِيلَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَكُونُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: " وَمَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا " مِنْ بَابِ الْمُشَاكَلَةِ. قَوْلُهُ: (فَفَائِدَةُ ذَلِكَ) أَيْ ذِكْرِ الْجَمِيلِ. وَقَوْلُهُ: (تَحْقِيقُ الْمَاهِيَّةِ) أَيْ مَاهِيَّةِ الْحَمْدِ بِذِكْرِ قُيُودِهَا. وَقَوْلُهُ: (أَوْ دَفْعُ تَوَهُّمِ إرَادَةِ الْجَمْعِ إلَخْ) أَيْ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْجَمِيلَ لِتَوَهُّمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّنَاءِ مَا يَشْمَلُ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ.
قَوْلُهُ: (تَحْقِيقُ الْمَاهِيَّةِ) أَيْ مَاهِيَّةِ الْحَمْدِ لَا لِلِاحْتِرَازِ قَوْلُهُ: (عِنْدَ مَنْ يُجَوِّزُهُ) وَهُوَ الشَّافِعِيُّ وَأَتْبَاعُهُ. فَإِنْ قِيلَ: إنَّ قَرِينَةَ الْمَجَازِ مَانِعَةٌ مِنْ الْحَقِيقَةِ فَكَيْفَ الْجَمْعُ؟ أُجِيبُ: بِأَنَّ ذَلِكَ مَذْهَبُ الْبَيَانِيِّينَ وَالشَّافِعِيُّ جَرَى عَلَى مَذْهَبِ الْأُصُولِيِّينَ، وَهُمْ لَا يَشْتَرِطُونَ كَوْنَ قَرِينَةِ الْمَجَازِ مَانِعَةً مِنْ الْحَقِيقَةِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يَعُمُّ إلَخْ) فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ مُطْلَقٌ وَفِي صِحَّةِ الْإِخْرَاجِ حِينَئِذٍ نَظَرٌ، إذْ الْمَخْرَجُ بِالْقَيْدِ ضِدُّهُ وَالْمَدْحُ لَيْسَ ضِدًّا لِلِاخْتِيَارِيِّ، بَلْ قَدْ يَكُونُ بِالِاخْتِيَارِيِّ. قَوْلُهُ: (دُونَ حَمِدْتهَا) بِكَسْرِ الْمِيمِ.
قَوْلُهُ: (عَلَى جِهَةِ الِاسْتِهْزَاءِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا، فَقَوْلُ الْمَلَائِكَةِ ذَلِكَ لَهُ مَجَازٌ وَالْعَلَاقَةُ الضِّدْيَةُ فَلَا كَذِبَ، وَعِبَارَةُ م د قَوْلُهُ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِهْزَاءِ بِأَنْ لَا يَعْتَقِدَ الْحَامِدُ كَمَالَ الْمَحْمُودِ. قَالَ ح ل: وَالرَّاجِحُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ اعْتِقَادِ الْجِنَانِ، بَلْ لَوْ اعْتَقَدَ الْحَامِدُ عَدَمَ اتِّصَافِ الْمَحْمُودِ بِمَا أَثْنَى بِهِ عَلَيْهِ كَانَ حَمْدًا كَمَا تَقَدَّمَ، فَالْمَدَارُ عَلَى ظُهُورِ قَصْدِ التَّعْظِيمِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَقْصِدُ بِهِ لِلتَّعْظِيمِ غَالِبًا مَعَ عَدَمِ الْإِتْيَانِ بِمَا يُخَالِفُهُ ظَاهِرًا اهـ. وَقَوْلُهُ: بِمَا يَقْصِدُ بِهِ التَّعْظِيمَ بَلْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مُحَرَّمًا شَرْعًا، كَمَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
نَهَبْت مِنْ الْأَعْمَارِ مَا لَوْ حَوَيْته ... لَهَنِئَتْ الدُّنْيَا بِأَنَّك خَالِدٌ
قَوْلُهُ: (وَالسُّخْرِيَةِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَهُوَ بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِهَا.
قَوْلُهُ: (ذُقْ) هُوَ مِنْ كَلَامِ الْمَلَائِكَةِ لِلْكَافِرِ فِي النَّارِ، وَوَصْفُهُ بِالْعِزَّةِ وَالْكَرَمِ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا ق ل. وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ لَوْلَا اعْتِبَارُ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا كَانَ كَذِبًا، وَالْمَلَائِكَةُ مُنَزَّهُونَ عَنْهُ. وَيُرَدُّ بِأَنَّ السُّخْرِيَةَ دَافِعَةٌ لِذَلِكَ م د. وَفِيهِ أَنَّ السُّخْرِيَةَ لَا تَدْفَعُ الْكَذِبَ فَيَكُونُ سُخْرِيَةً بِكَذِبٍ، وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ فِي التَّفْسِيرِ: {ذُقْ} [الدخان: 49] أَيْ الْعَذَابَ {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان: 49] بِزَعْمِك. وَقَوْلُك: مَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا أَعَزُّ وَأَكْرَمُ مِنِّي، وَيُقَالُ لَهُمْ: {إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ} [الدخان: 50] وَذَكَرَ فِي قَوْلِهِ قَبْلَهُ: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ} [الدخان: 43] {طَعَامُ الأَثِيمِ} [الدخان: 44] أَيْ أَبِي جَهْلٍ وَأَصْحَابِهِ ذَوِي الْإِثْمِ الْكَبِيرِ اهـ.
وَفِي الْخَازِنِ مَا نَصُّهُ: {ذُقْ} [الدخان: 49] أَيْ هَذَا الْعَذَابَ. {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان: 49] أَيْ عِنْدَ قَوْمِك بِزَعْمِك، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ كَانَ يَقُولُ: أَنَا أَعَزُّ الْبَوَادِي وَأَكْرَمُهُمْ، فَيَقُولُ لَهُ خَزَنَةُ النَّارِ، هَذَا عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِخْفَافِ وَالتَّوْبِيخِ.
قَوْلُهُ: (وَعُرْفًا) مَعْطُوفٌ عَلَى لُغَةً أَيْ وَالْحَمْدُ اللَّفْظِيُّ عُرْفًا إلَخْ. لَكِنَّ قَوْلَهُ: فِعْلٌ إلَخْ. يُنَافِي ذَلِكَ لِأَنَّ فِعْلَ الْأَعْضَاءِ وَالْقَلْبِ لَا يَكُونُ لَفْظِيًّا. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَمْدِ اللَّفْظِيِّ الْحَادِثُ فَيَشْمَلُ مَا ذُكِرَ وَالْعُرْفُ وَالِاصْطِلَاحُ مُتَسَاوِيَانِ، وَقِيلَ الِاصْطِلَاحُ هُوَ الْعُرْفُ الْخَاصُّ وَهُوَ مَا تَعَيَّنَ نَاقِلُهُ، وَالْعُرْفُ إذَا أُطْلِقَ فَالْمُرَادُ بِهِ الْعَامُّ وَهُوَ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ نَاقِلُهُ، وَعَلَى كُلٍّ فَالْمُرَادُ مِنْ الْعُرْفِ وَالِاصْطِلَاحِ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنًى غَيْرِ لُغَوِيٍّ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُسْتَفَادًا مِنْ كَلَامِ الشَّارِعِ، وَقَدْ يُطْلَقُ الشَّرْعِيُّ مَجَازًا عَلَى مَا كَانَ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ وَلَيْسَ مُسْتَفَادًا مِنْ الشَّارِعِ.
قَوْلُهُ: (فِعْلٌ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْقَوْلِ وَالِاعْتِقَادِ، لِأَنَّ الْقَوْلَ فِعْلُ اللِّسَانِ وَالِاعْتِقَادَ فِعْلُ الْقَلْبِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ إنَّهُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَهِيَ حَيْثِيَّةُ تَعْلِيلٍ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَى شُذُورِ ابْنِ هِشَامٍ: وَقَدْ أُولِعَ الْفُقَهَاءُ بِفَتْحِ هَمْزَةِ أَنَّ بَعْدَ حَيْثُ وَهُوَ لَحْنٌ فَاحِشٌ فَإِنَّهَا لَا تُضَافُ إلَّا

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 31
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست