responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 33
مِنْ الْفَضَائِلِ وَجُمْلَةُ الْحَمْدُ لِلَّهِ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا إنْشَائِيَّةٌ مَعْنًى لِحُصُولِ الْحَمْدِ بِالتَّكَلُّمِ مَعَ الْإِذْعَانِ لِمَدْلُولِهَا وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَوْضُوعَةً شَرْعًا لِلْإِنْشَاءِ وَالْحَمْدُ مُخْتَصٌّ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا أَفَادَتْهُ الْجُمْلَةُ سَوَاءٌ أَجَعَلْت فِيهِ أَلْ لِلِاسْتِغْرَاقِ كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمْ لِلْجِنْسِ كَمَا عَلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيُّ لِأَنَّ لَامَ لِلَّهِ لِلِاخْتِصَاصِ فَلَا فَرْدَ مِنْهُ لِغَيْرِهِ تَعَالَى أَمْ لِلْعَهْدِ كَاَلَّتِي فِي قَوْله تَعَالَى {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: 40] كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَجَازَهُ الْوَاحِدِيُّ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْحَمْدَ الَّذِي حَمِدَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ وَحَمِدَهُ بِهِ أَنْبِيَاؤُهُ وَأَوْلِيَاؤُهُ مُخْتَصٌّ بِهِ وَالْعِبْرَةُ بِحَمْدِ مَنْ ذُكِرَ فَلَا فَرْدَ مِنْهُ لِغَيْرِهِ وَأَوْلَى الثَّلَاثَةِ الْجِنْسُ وَقَوْلُهُ بِالْجَرِّ عَلَى الصِّفَةِ مَعْنَاهُ الْمَالِكُ لِجَمِيعِ الْخَلْقِ مِنْ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ وَالدَّوَابِّ وَغَيْرِهِمْ إذْ كُلٌّ مِنْهَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعُرْفًا، فَهَذِهِ نِسْبَةٌ رَابِعَةٌ. وَبَيْنَ الْحَمْدِ اللُّغَوِيِّ وَالِاصْطِلَاحِيِّ، وَكَذَا بَيْنَ الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ اللُّغَوِيَّيْنِ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْوَجْهِيُّ يَجْتَمِعَانِ فِي ثَنَاءٍ بِلِسَانٍ فِي مُقَابَلَةِ إحْسَانٍ، وَيَنْفَرِدُ الْحَمْدُ اللُّغَوِيُّ فِي ثَنَاءٍ بِلِسَانٍ لَا فِي مُقَابَلَةِ إحْسَانٍ وَيَنْفَرِدُ الْحَمْدُ الِاصْطِلَاحِيُّ وَالشُّكْرُ اللُّغَوِيُّ فِي ثَنَاءٍ بِغَيْرِ لِسَانٍ فِي مُقَابَلَةِ إحْسَانٍ، فَهَاتَانِ نِسْبَتَانِ.
قَوْلُهُ: (مَعَ الْإِذْعَانِ إلَخْ) لَا وَجْهَ لَهُ لِمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ أَنَّ الْوَصْفَ بِالْجَمِيلِ الْمَعْلُومِ الِانْتِفَاءِ إذَا قَارَنَهُ التَّعْظِيمُ حَمِدَ فَلْيُتَأَمَّلْ اج. وَكَلَامُ الشَّارِحِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاعْتِقَادِ.
قَوْلُهُ: (كَمَا أَفَادَتْهُ الْجُمْلَةُ) أَيْ لِكَوْنِ الْمُبْتَدَأِ فِيهَا مُعَرَّفًا بِأَلْ الْجِنْسِيَّةِ.
قَالَ بَعْضُهُمْ:
مُبْتَدَأٌ فَاللَّامُ جِنْسٍ عُرِّفَا ... مُنْحَصِرٌ فِي مُخْبَرٍ بِهِ وَفَا
وَإِنْ عَرِيَ عَنْهَا وَعُرِّفَ الْخَبَرْ ... بِاللَّامِ مُطْلَقًا فَعَكْسُ ذَا اسْتَقَرَّ
أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْخَبَرُ جَامِدًا أَوْ مُشْتَقًّا. وَقَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَتْهُ الْجُمْلَةُ فِيهِ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ. وَأُجِيبُ: بِأَنَّ الْمَعْنَى وَالْحَمْدُ مُخْتَصٌّ بِاَللَّهِ فِي الْوَاقِعِ كَمَا أَفَادَتْهُ الْجُمْلَةُ الْمَلْفُوظُ بِهَا. وَأُجِيبُ أَيْضًا: بِأَنَّ الْكَافَ تَعْلِيلِيَّةٌ وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ أَيْ لِإِفَادَةِ الْجُمْلَةِ لَهُ أَيْ بِوَاسِطَةِ تَعْرِيفِ الْمُبْتَدَأِ فِيهَا بِأَلْ فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ كَذَلِكَ أَفَادَتْ قَصْرَ مُبْتَدَئِهَا عَلَى خَبَرِهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ أَلْ اسْتِغْرَاقِيَّةً أَوْ جِنْسِيَّةً أَوْ عَهْدِيَّةً. وَقَدْ تُعُقِّبَ فِي قَوْلِهِ فَاللَّامُ جِنْسٍ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِهَا لَا يَصِحُّ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى تَعْرِيفِ الْمُبْتَدَأِ بِاللَّامِ مُطْلَقًا، فَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ سَوَاءٌ أَجُعِلَتْ أَلْ فِيهِ لِلِاسْتِغْرَاقِ إلَخْ. وَفِي كَوْنِ أَلْ لِلِاسْتِغْرَاقِ مَعَ كَوْنِ الْجُمْلَةِ إنْشَائِيَّةً نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يُقْدَرُ عَلَى إنْشَاءِ جَمِيعِ الْمَحَامِدِ، وَلَا يَظْهَرُ إلَّا عَلَى كَوْنِهَا خَبَرِيَّةً.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الِاخْتِصَاصُ عَلَى دَعْوَى الِاسْتِغْرَاقِ ظَاهِرٌ.
قَوْلُهُ: (لِلِاخْتِصَاصِ) أَيْ لِتَوْكِيدِهِ وَإِلَّا فَالِاخْتِصَاصُ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْجُمْلَةِ بِوَاسِطَةِ تَعْرِيفِ الْمُبْتَدَأِ فِيهَا.
قَوْلُهُ: (أَمْ لِلْعَهْدِ) أَيْ الْعِلْمِيِّ لِتَقَدُّمِ مَرْجِعِهِ فِي عِلْمِ الْمُخَاطَبِ. قَوْلُهُ: (وَأَوْلَى الثَّلَاثَةِ الْجِنْسُ) أَيْ لِأَنَّهُ يَدُلُّ بِالِالْتِزَامِ عَلَى ثُبُوتِ جَمِيعِ الْمَحَامِدِ لَهُ تَعَالَى فَهُوَ اسْتِدْلَالٌ بُرْهَانِيٌّ وَهُوَ كَدَعْوَى الشَّيْءِ بِبَيِّنَةٍ الَّتِي هِيَ أَوْلَى مِنْ الدَّعْوَى الْمُجَرَّدَةِ. وَقَوْلُنَا كَدَعْوَى الشَّيْءِ أَيْ وَهُوَ اخْتِصَاصُ الْأَفْرَادِ وَالْبَيِّنَةُ هِيَ اخْتِصَاصُ الْجِنْسِ، لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ اخْتِصَاصِ الْجِنْسِ اخْتِصَاصُ أَفْرَادِهِ، فَالْمُدَّعَى اخْتِصَاصُ الْأَفْرَادِ وَالْبَيِّنَةُ اخْتِصَاصُ الْجِنْسِ، فَالْمَعْنَى كُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْحَمْدِ مُخْتَصٌّ بِاَللَّهِ لِأَنَّ جِنْسَ الْحَمْدِ أَيْ حَقِيقَتَهُ مُخْتَصٌّ بِاَللَّهِ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ فِي الْمَعْنَى الْكِنَائِيِّ أَنَّ الْمَنْطُوقَ بِهِ هُوَ الدَّلِيلُ كَمَا فِي قَوْلِك: زَيْدٌ كَثِيرُ الرَّمَادِ الْمَعْنَى زَيْدٌ كَرِيمٌ لِأَنَّهُ كَثِيرُ الرَّمَادِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ثَمَانِيَةُ أَحْرُفٍ وَأَبْوَابُ الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةٌ، فَمَنْ قَالَهَا عَنْ صَفَاءِ قَلْبٍ فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ أَيْ يُخَيَّرُ بَيْنَهَا إكْرَامًا لَهُ، وَإِنَّمَا يَخْتَارُ مَا سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ يَدْخُلُ مِنْهُ.
فَائِدَةٌ: اعْلَمْ أَنَّ الْمَحَامِدَ أَرْبَعَةٌ: حَمْدَانِ قَدِيمَانِ وَهُمَا حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى لِنَفْسِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الأنفال: 40] وَحَمْدُهُ لِبَعْضِ عَبِيدِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 30] وَحَمْدَانِ حَادِثَانِ وَهُمَا حَمْدُنَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَقَوْلِك: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَحَمْدُنَا لِبَعْضِنَا كَقَوْلِك: نِعْمَ الرَّجُلُ فُلَانٌ. وَتَعْرِيفُ الشَّارِحِ خَاصٌّ بِالْقِسْمَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ ذَكَرَهُ الدُّلَجِيُّ.
قَوْلُهُ: (بِالْجَرِّ عَلَى الصِّفَةِ) وَيَجُوزُ قَطْعُهُ إلَى الرَّفْعِ أَوْ النَّصْبِ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ، وَالْجَمْعُ رُبُوبٌ وَأَرْبَابٌ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. وَقُرِئَ شَاذًّا بِالنَّصْبِ، وَالْوَجْهُ فِيهِ أَنَّهُ عَلَى الْمَدْحِ، وَقِيلَ هُوَ عَلَى النِّدَاءِ أَيْ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ وَفِيهِ بُعْدٌ.

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 33
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست