responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 133
بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (25) سورة الحديد. وَهُمْ " أُولُو الْأَمْرِ " فِي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} (59) سورة النساء. وَكَذَلِكَ مِنْ جِهَتِهِمْ يَقَعُ الْفَسَادُ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مَرْفُوعًا وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ {إنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ زَلَّةُ عَالِمٍ وَجِدَالُ مُنَافِقٍ بِالْقُرْآنِ وَأَئِمَّةٌ مُضِلُّونَ} [1] انتهى.
وإنما تعني المرأة بـ (الأمر) استقامة الحال وصلاح الأحوال واجتماع الشمل وانتشار العدل خلاف ما كانوا عليه في الجاهلية، فبين لها أن ذلك مرهون باستقامة ولاة الأمر، ولهذا قال من قال من العلماء: لو كان لي دعوة مستجابة لجعلتها للسلطان، لأن في صلاحه صلاح الناس، كما قيل (الناس على دين ملوكها)،وهو أمر معلوم بضرورة العقل وشهادة الواقع والحس، ومن الخطأ الشائع الظن أن فساد السلطة نتيجة لفساد الرعية، والعكس أولى بالصواب، غير أن الرعية تعاقب على سكوتها عن ظلم السلطان [2]، ورضاها به، باستدامة ذلك الظلم عليهم جزاء وفاقاً، ولا يظلم ربك أحداً.
ذلك أن السكوت على ظلم الظالم من أعظم أسباب عقوبة الله تعالى، وقد ورد فيه حديث حذيفة رضي الله عنه مرفوعاً «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَكُمْ» رواه الترمذي [3].
وعَنْ قَيْسٍ قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الآيَةَ وَتَضَعُونَهَا عَلَى غَيْرِ مَوَاضِعِهَا (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) قَالَ عَنْ خَالِدٍ وَإِنَّا سَمِعْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ». وَقَالَ عَمْرٌو عَنْ هُشَيْمٍ وَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِى ثُمَّ يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يُغَيِّرُوا ثُمَّ لاَ يُغَيِّرُوا إِلاَّ يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ مِنْهُ بِعِقَابٍ» رواه أبو داود [4].

[1] - المعجم الكبير للطبراني - (ج 15 / ص 57) برقم (16701) عن معاذ و سنن الدارمى برقم (674) مقطوعا وهو صحيح لغيره
[2] - قال تعالى: {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ} (113) سورة هود
لا تستندوا ولا تطمئنوا إلى الذين ظلموا. إلى الجبارين الطغاة الظالمين , أصحاب القوة في الأرض , الذين يقهرون العباد بقوتهم ويعبدونهم لغير الله من العبيد. . لا تركنوا إليهم فإن ركونهم إليهم يعني إقرارهم علىهذا المنكر الأكبر الذي يزاولونه , ومشاركتهم إثم ذلك المنكر الكبير. (فتمسكم النار). .جزاء هذا الانحراف. (وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون). .في ظلال القرآن - (ج 1 / ص 268)
[3] - سنن الترمذى برقم (2323) وهو صحيح لغيره
[4] - سنن أبى داود برقم (4340) وهو صحيح
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 133
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست