اسم الکتاب : المنتقى من كتاب الترغيب والترهيب المؤلف : القرضاوي، يوسف الجزء : 0 صفحة : 49
فعليك أَيها الرجل بقطع هذه العقبة في تمام الاحتياط والتحرز وحدّ الرعاية، فإِنها عقبة دقيقة المسلك، خطرة الطريق، وذلك أَن طريقها بين طريقين مخوفين مهلكين: أَحدهما: طريق الأَمن، والثاني: طريق اليأْس .. وطريق الرجاءِ والخوف هو الطريق العدل بين الطريقين الجائرين، فإِن غلب الرجاء عليك حتى فقدت الخوف أَلبتة وقعت في طريق الأَمن و (فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) [1] وإِن غلب عليك الخوف حتى فقدت الرجاء أَلبتة وقعت في طريق اليأْس و (إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) [2] فإِن كنت ركبت بين الخوف والرجاءِ، واعتصمت بهما جميعاً، فهو الطريق العدل المستقيم، التي هي سبيلَ أَولياءِ الله وأَصفيائه، الذين وصفهم الله تعالى بقوله: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [3].
فإِذًا ظهرت لك في هذه العقبة طرقٌ ثلاثة: طريق الأَمن والجراءَة، وطريق اليأْس والقنوط، وطريق الخوف والرجاءِ ممتدًّا بينهما، فإِن ملت عنه بقدم إِلى يمينك أَو يسارك، وقعت في المهلكين، وهلكت مع الهالكين.
ثم الشأْن أَن الطريقين الجائرين المهلكين أَوسع مجالاً، وأَكثر داعياً، وأَسهل سلوكاً من الطريق العدل، لأَنك إِذا نظرت من جانب الأَمن رأَيت من سعة رحمة الله وكثرة فضله، وغاية جوده، ما لا يبقى [1] سورة الأعراف: 99. [2] سورة يوسف: 87. [3] سورة الأنبياء: 90.
اسم الکتاب : المنتقى من كتاب الترغيب والترهيب المؤلف : القرضاوي، يوسف الجزء : 0 صفحة : 49