responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المنتقى من كتاب الترغيب والترهيب المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 0  صفحة : 48
من حلاوة العسل، والأَجير لا يعبأُ بارتقاءِ السلم الطويل، مع الحمل الثقيل، طول النهار الصائف المديد، لما يتذكر من أَخذ درهمين بالعشي؟ وأَن الفلاح لا يتفكر بمقاساته الحر والبرد، ومباشرة الشقاءِ والكد طول السنة، لما يتذكر من البيدر أَوان الغلّة؟ وكذلك يا أَخي العباد الذين هم أَهل الاجتهاد إِذا ذكروا الجنة في طيب مقيلها، وأَنواع نعيمها: من حورها وقصورها وطعامها وشرابها وحليها وحللهما وسائر ما أَعده الله تعالى لأَهلها، هان عليهم ما احتملوه من تعب في عبادة، أَو ما فاتهم في الدنيا من لذة ونعمة، أَو نالهم من ضرر وذلة أَو نقمة أَو مشقة لأَجلها.
فإِذا كان مدار أَمر العبودية على الأَمرين: القيام بالطاعة والانتهاء عن المعصية، وذلك لا يتم هذه النفس الأَمارة بالسوءِ إِلّا بترغيب وترهيب، وترجية وتخويف، فإِن الدابة الحرون تحتاج إِلى قائد يقودها، وإِلى سائق يسوقها، وإِذا وقعت في مهواة فربما تضرب بالسوط من جانب، ويلوح لها بالشعير من جانب آخر، حتى تنهض وتتخلص مما وقعت فيه، وأَن الصبي العرم لا يمر إِلى الكُتّاب إِلَّا بترجية من الوالدين وتخويف من المعلم، فكذلك هذه النفس دابة حرون وقعت في مهواة الدنيا، فالخوف: سوطها وسائقها، والرجاءِ: شعيرها وقائدها .. وأَنها الصبي العرم يُحمل إِلى كتّاب العبادة والتقوى، فذكر النار والعقاب تخويفه، وذكر الجنة وثوابها ترجيته وترغيبه، فكذلك يلزم العبد الطالب للعبادة والرياضة أَن يشعر النفس بالأَمرين، اللذين هما: الخوف والرجاءِ.

اسم الکتاب : المنتقى من كتاب الترغيب والترهيب المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 0  صفحة : 48
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست