responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع    الجزء : 1  صفحة : 79
في الحماية, وتحل النظم والإجراءات الجديدة للبيئة الحاكمة المستقرة محل سلطة رئيس القبيلة في حل المشاكل الداخلية, ومعاقبة الخارجين على النظام. وعلاوة على ذلك, فإن التشبه بالمدنيات السابقة, وانتحال مهن وطرق سهلة للحصول على الرزق يحل محل وسائل السلب والنهب والغزو التي كانت الجماعات البدائية تلجأ إليها للحصول على ضرورات الحياة. وبذلك تقوم سلطة الملك بعد استتباب الحياة الحضرية بالمهام التي كانت تضطلع بها العصبية كما يتأثر هيكلها, وتنحل الروابط التي كانت تجمع بين أفرادها, وتفقد خصائصها المميزه مثل النشاط والحيوية وحب النزال[1]. ورغم أن الاضمحلال الكبير الذي يعتري هيكل وخصائص ودور العصبية هو أيضا نتيجة لأسلوب الحياة السائدة -في هذه الحياة الحضرية- فإن رد فعل العصبية الضعيف لهذه التأثيرات لا يقارن برد الفعل الديناميكي للعصبية في الحياة البدوية. وبغض النظر عن دورها في نقل السلطة السياسية بين فروع مختلفة من نفس الجماعة -وهي تغيرات غير ذات بال- فإن العصبية التي ضعفت شوكتها تصبح عمليا غير قادرة على إحداث تغيير سياسي أساسي على النمط الذي قامت به من نقل حياة الجماعة من البداوة إلى الحضارة.
فإذا طبقنا ما ذكر في بداية هذا الفرض المنهجي عن الطبيعة الديناميكية لمناقشات ابن خلدون, فإننا لن نجد أيضا استقطابا جامدا للأسباب والنتائج في دراسته لظاهرة العصبية في كل من مجتمعي البداوة والحضارة. إن العصبية في طورها البدائي النشط, وبخصائصها التي سبق شرحها هي نتيجة لأسلوب الحياة الخشن في ظل البداوة. وعندما تتهيأ الظروف المادية نلاحظ أنها تصبح السبب في تغيير هذا اللون من الحياة الاجتماعية إلى لون آخر تماما في ظل الحضارة, ويستمر التفاعل وتبادل المراكز بين الأسباب والنتائج في ظل نعومة ورفاهية الحياة الحضرية التي تكون سببا هذه المرة في ممارسة العديد من التأثيرات الضارة

[1] المقدمة, طبعة وافي، صفحات 422، 423، 453، 454، 480، 481.
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع    الجزء : 1  صفحة : 79
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست