responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع    الجزء : 1  صفحة : 78
هذه النتيجة تلعب دور السبب في مرحلة أعلى هي تغيير وتهذيب أسلوب التفكير. ولا تتوقف سلسلة ردود الفعل المتبادلة عند هذا الحد؛ لأن الفكر المتطور الذي جاء نتيجة لتفاعل سابق يلعب الآن دور السبب, فيصير حافزا على إشباع حاجات مادية جديدة, وحياة مرفهة تتناسب مع ما وصل إليه صاحب هذا الفكر من تطور[1].
وهناك مثل آخر يمكن أن يعزز هذا الفرض المنهجي, وهو وضع العصبية في كل من مجتمعي البداوة والحضارة. ففي مجتمع البداوة نلاحظ أن طبيعة الحياة الخشنة, وشظف العيش يطبع العصبية بعدة صفات أهمها أنها قوة موحدة كلها نشاط وحيوية, قادرة على الدفاع عن الجماعة والسعي من أجل تحقيق أهدافها ضد العصبيات الأخرى والقضاء على الخلافات الداخلية بين أفرادها، والعمل كأداة من أجل دفع عجلة التطور نحو شكل أرقى من أشكال الحياة المادية. وبينما تعتبر العصبية بهيكلها القوي وخصائصها التي تتسم بالحيوية ودورها الكبير في إحداث التغييرات نتيجة مترتبة على هذا النوع من الحياة الصعبة في ظل البداوة, فإن العصبية نفسها وعندما تتهيأ الظروف المادية تلعب دور السبب وتصبح أداة للتغيير, وذلك بالقضاء على نفس هذه الظروف التي خلقتها عندما تقوم الجماعة بفضل عصبيتها بالقضاء على دولة مجاورة وإقامة ملك جديد محلها يتخلى عن الحياة البدوية, وينتقل إلى الحياة الحضرية.
وفي ظل الحضارة تبدأ مرحلة جديدة من التأثيرات المتبادلة -وإن كانت أقل حدة- بين ظروف المعيشة الحضرية ومكونات العصبية, وخاصة دورها الذي يفقد كثيرا من مبررات وجوده. ففي الدفاع تؤدي الحياة الجديدة للجماعة في المدن التي تحميها الأسوار والحراس -بدلا من المعيشة في العراء- إلى تولد مشاعر جديدة غير مألوفة لديها, هي مشاعر الأمن والطمأنينة والاعتماد على الدولة

[1] المرجع السابق، صفحتا 42، 43.
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع    الجزء : 1  صفحة : 78
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست