responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع    الجزء : 1  صفحة : 77
ورغم أن تحليله كان رائدا في هذا المجال, فإنه لم ينظر إلى الأسباب والنتائج نظرة إستاتيكية كأن يظن مثلا بأن الأسباب تظل دائما أسبابا والنتائج دائما نتائج. إن المغزى الحقيقي لمنهج ابن خلدون لا يمكن فهمه تماما ما لم يتم الكشف عن علاقة عامل إضافي وديناميكي بموضوع البحث. ولا نعني بهذا العامل مجرد الاعتراف بفضل ابن خلدون في اكتشاف أسلوب التحليل إلى أسباب ونتائج. إن ما يجتذب الاهتمام حقيقة إلى المقدمة هو أننا لا يمكن أن نجد فيها الأسباب في جانب والنتائج في جانب آخر. فمثل هذا الاستقطاب غريب على فكر ابن خلدون الذي لا يعرف هذا التجريد الأجوف. وبالعكس, فقد بدت له العلاقة بين الخلفية الاقتصادية وتأثيرات عناصر العمران كعملية مرتبطة تمام الارتباط تتحرك باستمرار على شكل سلسلة من ردود الفعل المتبادل. بالإضافة إلى ذلك, فإنه لم يعامل عناصر العمران كقوى ذات فعل متساوٍ لها نفس الأثر في سير الأحداث, وهو ما يمكن ملاحظته على وجه الخصوص بالنسبة لآرائه في الدين التي تشغل في بعض الأحيان قلب المناقشة. وفي الواقع, فإن الميزة الكبيرة لمنهجه هي طابعه العلمي الذي يستبعد إمكان تمتع أي عامل بمفرده بطبيعة, أو صفة مطلقة, ويفترض بدلا من ذلك وجود تأثير نسبي, وردود فعل متبادلة.
ومن الأمثلة المتعددة التي يمكن أن تشرح مثل هذا التفاعل هو العلاقات المتشابكة التي تربط بين طريقة المعيشة وأسلوب الفكر وانتشار العلوم. فكل تطور مادي يأتي برد فعل مماثل في العلاقات الاجتماعية، ومناهج سلوك متباينة تجاه المسائل الزمنية والدينية. وقد سبقت الإشارة إلى أن هذا التطور المادي سيؤدي إلى زيادة في المهن وفي تقسيم العمل، وكل مهنة تؤثر في النفس والذهن وتفتح آفاق العقل. ويشجع هذا على زيادة انتشار العلوم وازدهارها الذي يزيد الإنسان بالتالي "ذكاء في عقله وإضاءة في فكره بكثرة الملكات الحاصلة للنفس". ولا نستطيع أن نعثر في هذا التحليل الديناميكي على أي فصل تعسفي بين السبب والنتيجة. فإذا كان تقدم العلوم, والمعرفة هو نتيجة لسبب مادي، فإن نفس

اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع    الجزء : 1  صفحة : 77
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست