responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع    الجزء : 1  صفحة : 107
من التجارب. إن العلم وفقا للتيار التقليدي لا يغني عن الفلسفة في فهم طبيعة الإنسان, أو حقيقة العالم.
يسترسل أنصار الفلسفة التقليدية في دفاعهم عن العقل في مواجهة الحجج الوضعية, فيؤكدون أنه رغم ما يوجه إلى الفلسفة التقليدية من اتهامات حول التحليق في المجهول والانعزال في بروج عاجية، فإنه لا يمكن إنكار فضلها في إيضاح كثير من الحقائق التي أضاءت الطريق أمام العلم التجريبي، كذلك قيامها بوظيفة اجتماعية هامة تمثلت في تأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على مجرى التاريخ البشرى، والكشف عن قيم الحق والخير والجمال.
بناء عليه، لا تستطيع الوضعية أن تفرض على العقل الاقتصار على بحث الموضوعات التي يمكن معالجتها بمنهج البحث التجريبي فقط, ذلك أن العقل بطبيعته لا يمكن أن يتوقف عن البحث والتأمل والنظر ومواصلة التفكير في طبيعة الموجودات وحقيقة الأشياء والعلل والغايات البعيدة. تلك هي وظيفة الفلسفة مع ضرورة الأخذ في الاعتبار أن العلم نفسه يستخدم مبادئ كلية كالعلية والحتمية لا تكتسب بالتجربة, ولا تعالج بمناهج العلم.
من ناحية أخرى, لا تستطيع العلوم تغطية كل مجالات الدراسة وموضوعات البحث, وإنما بوسع الفلسفة التقليدية تفادي هذا النقص. يستشهدون على ذلك بتفرقة أرسطو بين الفلسفة الأولى -أي: ما بعد الطبيعة التي تشمل الوجود والمعرفة- وبين سائر العلوم على أساس أن كل علم يتخذ مجالا معينا من مجالات الوجود موضوعا لبحثه, بينما لا يوجد علم من العلوم يعرض للبحث في الوجود بما هو وجود.
تبحث العلوم الرياضية مثلا في الوجود من حيث هو كم, سواء كان عددا "الحساب" أو شكلا "الهندسة", وتبحث العلوم الطبيعية في الوجود من حيث هو متغير, فتدرس الطبيعة خصائص الأجسام دون نظر إلى طبيعتها، وتدرس الكيمياء تركيب الأشياء وردها إلى عناصرها وهكذا بالنسبة لبقية العلوم.

اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع    الجزء : 1  صفحة : 107
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست