اسم الکتاب : مذاهب فكرية معاصرة المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 333
شيء يمكن أن يقبله المخططون إلا هذا! لأن معناه أن يوافقوا على إحياء ذات الشيء الذي يسعون إلى قتله جاهدين!
ثم إن هناك أمرا آخر لا يقل أهمية..
إذا أنت جعلت المحك الذي تقيس إليه الإقطاع والرأسمالية هو الحق والعدل، فماذا يكون موقفك من الشيوعية؟ ألست قمينا أن تضعها على ذات المحك فترى أنها تخالف الحق والعدل كذلك؟ فتروح تبحث عن حل آخر يقوم على الحق والعدل؟!
الأولى إذن أن يقفلوا عليك الطريق من أوله، ويسخفوا لك الحق والعدل "الأزليين"، ويقولوا لك إنه لا وجود لهما ولا أثر لهما على الإطلاق في حياة البشرية.. إنما الذي يسير حياة البشرية هو "الحتميات" وهذه تؤدي إلى الشيوعية المطلوبة في نهاية المطاف!
ليس الأمر إذن أمر حقائق علمية أو تاريخية تقول إن الحق والعدل لا وجود لهما في حياة البشرية، وإنه ينبغي أن يسخفا ويسخر منهما! بدليل أنهم حين يتحدثون عن الشيوعية يقولون إنها هي الحق وهي العدل! وهي التي ينبغي أن تسود البشرية! فهم إذن يثبتونهما ولكن بشرط أن يكونا خاليين من الدين والأخلاق ... أي: في الحقيقة خاليين من الحق والعدل!
أما "الحتميات" فهي جوهر المادية الجدلية والتفسير المادي للتاريخ.
فالمراحل الخمسة التي تمر بها البشرية وهي الشيوعية الأولى، ثم الرق، ثم الإقطاع، ثم الرأسمالية، ثم الشيوعية الثانية والأخيرة ... هذه المراحل حتمية!
والانتقال من مرحلة إلى تاليتها هو انتقال حتمي كذلك، وعلى ذات الترتيب الذي رسمه التفسير المادي للتاريخ، لا تسبق أمة مرحلتها ولا تتأخر عنها؛ لأنها قدر حتمي!
وتغير القيم والمعايير والعقائد والأفكار والمشاعر مع تغير الطور الاقتصادي هو تغير حتمي، لا يمكن الوقوف في طريقه ولا تغيير مساره ولا تعديله، بحكم أن القيم والمعايير والعقائد والأفكار والمشاعر هي مجرد انعكاس للوضع المادي والاقتصادي وليست شيئا قائما بذاته، والانعكاس لا بد أن يتغير حتما إذا تغير المعكوس!
ومن بين الحتميات كذلك قيام الصراع الطبقي ما دامت هناك ملكية فردية.
اسم الکتاب : مذاهب فكرية معاصرة المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 333