اسم الکتاب : مذاهب فكرية معاصرة المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 332
الطبقي "في نفوسهم" وذلك من آثار بقايا الدين في نفوسهم، وأن الكنيسة -ممثلة الدين- وقفت في صف الإقطاعيين والرأسماليين ضد الدعوة الشيوعية، ومستعينة بالدين في "تخدير" الجماهير عن الثورة، وإزالة الحقد الطبقي أو تأخير تجمعه في النفوس ليكون وقودا للثورة.
من أجل ذلك "يتفنون" في محاربة الدين بكل وسائل الحرب, ومن بين وسائل الحرب التسخيف والتهوين والتحقير.
5- السخرية بالحق والعدل الأزليين:
والقول بخضوع الناس للحتميات المادية والاقتصادية والتاريخية:
كما يسخر الماديون بالدين ويسعون إلى تحقيره بكل الوسائل، يسخرون كذلك "بالحق والعدل الأزليين" كما يسميهما فردريك إنجلز، ويقولون إنهما من المثاليات التي لا وجود لها ولا تأثير لها في عالم الواقع، وإن البشرية لم تقم قط عليهما ولا يمكن أن تقوم عليهما في يوم من الأيام!
إنما الذي يسير حياة البشرية من مبدئها إلى منتهاها هو "الحتميات" المادية والاقتصادية والتاريخية، التي لا توصف بأنها حق ولا عدل -ولا خلاف ذلك- إنما توصف -كما أسلفنا- بأنها صواب ما دامت في موضعها التاريخي الصحيح.
ويكره الشيوعيون كراهية شديدة أن تنتقد مراحل الرق والإقطاع والرأسمالية من جهة أنها "ظلم" مخالف للحق والعدل، أي: أن تنتقد من منطلق أخلاقي أو أي منطلق قائم على القيم العنوية.. ويصرون على أن ينتقد الإقطاع والرأسمالية من الزاوية الاقتصادية ومن زاوية الحتمية التاريخية.
ويعجب الإنسان أشد العجب من هذا الموقف الغريب. فهم يشنون هجوما حادا على الإقطاع والرأسمالية بصفة خاصة، فإذا أنت شاركتهم في شن الحملة عليهما من زاويتك الخاصة "الدينية والأخلاقية" رفضوا رفضا باتا وجاهروك بالإنكار!
ولكن العجب يزول إذا علمنا السر في رفضهم وإبائهم، فهم بادئ ذي بدء يريدون القضاء على القيم المعنوية من منبتها، وبخاصة القيم الدينية، فكيف يقبلون منك موقفا -ولو كان في صفهم- يرتكز على تلك القيم ويحييها في النفوس!! إن مجرد قبوله معناه أن لهذا المنطلق شرعية الوجود، ومعناه الاعتراف بأنه منطلق صحيح؛ لأنه يهاجم الظلم ويقف منه موقف المعاداة ... وأي
اسم الکتاب : مذاهب فكرية معاصرة المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 332