responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مذاهب فكرية معاصرة المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 329
3- نفي وجود قيم ثابتة بحكم التطور الذي يغير القيم كلها كلما تغير الوضع المادي والاقتصادي:
لم يكتف الماديون في تحقير القيم الإنسانية بقولتهم السابقة, التي تنفي الأصالة عنها وتجعلها مجرد انعكاس لقيم أخرى -مادية- بل مضوا شوطا آخر في تحقيرها فقالوا إنها ليست ثابتة، إنما هي دائمة التغير كلما تغير الوضع المادي والاقتصادي!
بمعنى آخر: يا أيها المثاليون المغفلون[1] إنكم تبحثون عن سراب لا وجود له في الحقيقة، حين تتكلمون عن الحق، والعدل، والخير، والفضيلة، والجمال، والصدق، والأمانة ... إلخ. إنها كلمات جوفاء يملؤها كل جيل بما يحلو له، ولكنها هي في ذاتها ليست شيئا ثابتا محددا يمكن التعرف عليه!
هنا يذكرنا ماركس بدوركايم!
العقل الجمعي هو الذي يضع القيم والنظم والتقاليد والأخلاق.. وهو لا يثبت على حال، يحل اليوم ما حرمه بالأمس، ويحرم غدا ما يحله اليوم! نفس الهدف ونفس الوسيلة ... كل في اختصاص من اختصاصات "العلم".
فالعلم الماركسي يقول إنه كلما تغير الوضع المادي أو الاقتصادي تغيرت معه جميع القيم وجميع المعايير.
تغيرت صورة الملكية من ملكية جماعية في الشيوعية الأولى إلى ملكية فردية، فنشأ الرق ثم الإقطاع ثم الرأسمالية، وكان كل منها -في حينه- صوابا! لأنه هو الاستجابة الطبيعية للوضع المادي والاقتصادي.. الاستجابة التي لا يمكن أن يوجد غيرها؛ لأنها انعكاس "حتمي" للأوضاع، ومن ثم فلا ينبغي أن توصف بالخير أو الشر، ولا ينبغي أن ينظر إليها أصلا من زاوية خلقية ولا بمعيار خلقي ثابت! إنما مقياس كل شيء هو ذاته.. ووجود الشيء بالفعل هو مبرر وجوده! ثم يتغير كل شيء حين يتغير الوضع المادي والاقتصادي فيصبح الوضع السابق خطأ بعد أن كان صوابا! وتصبح محاربته واجبة بعد أن كانت قبل ذلك غير ذات موضوع!

[1] يستخدم الماديون كلمة المثالية في الذم لا في المديح، ويقصدون بها الأشياء التي لا يمكن تحقيقها في الواقع ومن ثم فهي سخف لا ينبغي أن يؤبه له!
اسم الکتاب : مذاهب فكرية معاصرة المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 329
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست