المادة أمرٌ حادثٌ جداً بالنسبة إلى مادة الكون الأولى.
فمن أين دبّت الحياة؟.
هل وُجدت فيها من العدم المطلق؟
هل وُجدت من المادة فاقدة الحياة، وفاقد الشيء لا يعطيه؟ هذان أمران مستحيلان عقلاً.
إذن: لم يبق إلا أن خالقاً حياً عليماً قديراً حكيماً هو الذي نفخ نسمة الحياة في المادة، وهو الذي خلق الحياة، وحين شاءت حكمته أن ينفخ نسمة الحياة في المادة، ركّب المادّة على الصورة التي قضى بحكمته أن تكون هي الشرط اللازم لاحتواء حركة الحياة.
لكن هذا اللازم العلمي والعقلي يرفضه الملاحدة الماديون، ويصرون على الاعتقاد بما هو مرفوض علمياً وعقلياً.
2- وأما البرهان العقلي، فإنه يقرر بحكم البديهة العقلية، أن مادة الكون الأولى، التي ليس فيها مركبات متقنة، وليس فيها حياة ولا إحساس ولا وعي، لا تستطيع أن ترقى إلى الكمال ارتقاءً ذاتياً، ولا تستطيع أيضاً أن تصنع أجزاءً فيها هي أكمل منها وأرقى.
وذلك لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وصنع الناقص لما هو أرقى منه نظير تحوّل العدم إلى الوجود تحولاً ذاتياً، لأن القيمة الزائدة قد كانت عدماً محضاً، والعدم المحض لا يخرجه إلى الوجود إلا قوة مكافئة له، أو أقوى منه.
لكن المادة العمياء الصماء الجاهلة لم تكن أقوى ولا مكافئة لمادة حيةٍ مريدة ذات وعي وإحساس، بل هي أقل قيمة منها، فهي إذن عاجزة بداهة عن إنتاج ما هو خير منها.
وهذا يدل بالاستنتاج العقلي على أنه لا بد حتماً من وجود موجود