أزلي هو فوق المادة العمياء الصماء الجاهلة، وهذا الموجود الأزلي هو الذي جعل المادة ترتقي في سلم الوجود، وهو الذي خلق الأحياء وما فيها من صفاتٍ وما لها من خصائص، وهو الذي أتقن كل شيءٍ صنعاً، ولا بد أن يكون هذا الموجود الأزلي متصفاً بصفات الكمال التي بها يخلق ويتقن ويبدع.
3- وأما استحالة وجود المتقنات الراقية الدقيقة المعقدة بالمصادفة، فهي قضية من المسلمات التي اتفقت عليها الدلائل العلمية المادية، والبراهين العقلية المنطقية.
أما الدلائل العلمية المادية المستندة إلى الوسائل الإنسانية فإنها ترفض المصادفة في أي ظاهرة كونية ذات إتقان دقيق معقد، والباحثون العلميون سواء أكانوا مثاليين أو مادّيين، يبحثون باستمرار عن سبب أية ظاهرة كونية يشاهدونها، ويرفضون ادعاء المصادفة فيها رفضاً قاطعاً، لأن المناهج العلمية الاستقرائية قد أثبتت للعلماء أنه ما من ظاهرة تحدث في الكون دون أن تكون مسبوقة بسببٍ مكافيءٍ لحدوثها، وإذا كانت هذه الظاهرة من الظواهر التي تحتاج إلى صاحب علم ومهارة حتى يكون قادراً على إنتاجها، قرروا أن منتجها صاحب علم ومهارة، وهكذا.
وأما البراهين العقلية فقد استطاعت أن تقدّم للرياضيين وللمنطقيين أدلة قاطعة لا يتطرق لها أدنى شبهة، وهذه الأدلة تثبت استحالة وجود متقنات راقية معقدة التكوين - كخلق الذبابة - عن طريق المصادفة. فكيف بالكون كله وما فيه من متقنات لا حصر لها، أصغرها الذرة، وأكبرها في نظرنا المجرة، وأدناها في الأحياء التي اكتشفناها "الفيروس" وأعلاها فيما نشاهد الإنسان.
فماذا يقول الماديون وقد حاصرتهم الأدلة من كل مكان؟!