إن جميع أدلتهم تنحصر في محاولات إيهام صغار العقول وقليلي المعرفة، بأن ما لا تشاهد ذاته هو غير موجود، وتجاهلوا الأدلة العلمية، التي أثبتت بشكلٍ قطعي عجز الوسائل الإنسانية عن التوصل إلى الإحساس بموجوداتٍ كونيةٍ كثيرة يثبتها العقل، ولا تستطيع وسائل العلم الإنسانية المادية أن تنفيها، بل الأمر بالنسبة إليها يعتمد على براهين العقل ودلائله الاستنتاجية.
ولما أنكر الماديون وجود الخالق جلا وعلا، لزمهم أن يقولوا: إن المادة الأولى للكون التي هي عديمة الحياة والإحساس والإدراك والفكر، قد ارتقت بالتطور الذاتي حتى نشأت الحياة، التي هي أكمل وأرقى من مادة الكون. ثم نشأت بعد ذلك في الحياة الإحساسات الراقية، حتى مستوى الفكر، ووعي ما في الكون عن طريقه. وبذلك استطاعت المادة أن تعي ذاتها، متمثلاً ذلك في الجهاز الراقي الذي أبدعته بالتطور الذاتي، وهو الدماغ.
إن مقولة الماديين هذه مرفوضة في المنهج العلمي الذي يعتمدون عليه، ومرفوضة بالبداهة العقلية، ومرفوضة بالمسلمة التي اتفق عليها المنهج العلمي المادي، والبرهان العقلي، وهي استحال وجود المتقنات الراقية المعقدة بالمصادفة.
1- أما المنهج العلمي المادي فقد أثبت: أن المادة التي لا حياة فيها، لا تتولد فيها الحياة بالتطور الذاتي، وأن الكائن الحي فيها لا يأتي إلا نسلاً لحي سابق عليه.
فالمادة والحياة أصلان منفصلان في هذا الكون، وليست المادة أصلاً مستقلاً للحياة، وإن كانت الحياة إنما تظهر في مُدركاتنا الحسية إذا دبت في جسد مادي مؤهل لظهور الحياة فيه.
وأثبتت الأدلة العلمية المعترف بها عند الماديين: أن وجود الحياة في