responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كواشف زيوف المؤلف : الميداني، عبد الرحمن حبنكة    الجزء : 1  صفحة : 497
ما هو مبلغ إنكار أي فيلسوف من الصحة، إذا هو أنكر قراراً أصدرته دولة كبيرة قادرة، بأنها ستنشئ في برنامج خطتها لربع قرن، مدينة نموذجية بديعة جداً، ولا تسكن فيها إلا الصالحين من شعبها، وسجوناً لمعاقبة الجانحين والخارجين على قوانينها وأنظمتها؟!
فإذا قال فيلسوف كبير: لا أجد مبرراً عقلياً أو علمياً يؤكد أن مَنْشَأَتين من هذا القبيل ستحدثان، أفيكون كلامه مقبولاً لدى العقلاء الذين علموا بقرار الدولة؟.
كان الأحرى به أن يبني إنكاره لقضية الحياة بعد الموت، والدار الآخرة، على إنكاره لخالق الكون، وذلك لأنه بجحوده للأساس الأول لزمه أن يجحد كل ما يلزم عنه، وعندئذٍ تكون مناقشته من مواقع هذا الأساس، لا مما يتفرع عنه ويُبنى عليه.
إن من يعتبر أن أساس الوجود مادة لا حياة فيها، ولا علم ولا إرادة ولا حكمة، لا بد أن يتصور أن الكون لا يمكن أن يهتم بآماله ورغباته وآلامه وسائر مشاعره، فيقول مقالة "رسل":
"لا أجد أي مبرر لافتراض أن الكون يهتم بآمالنا ورغباتنا، فليس لنا حق في أن نطلب من الكون تكييف نفسه وفقاً فعواطفنا وآمالنا".
لكننا إذا تعمّقنا في دراسة نفوس الملاحدة، الذين أنكروا وجود الله جحوداً، بعد النظر في الأدلة على وجوده، نجد أنهم هم الذين يريدون أن يكيّفوا الكون وفق رغباتهم وأهوائهم، وذلك لأن الإيمان بالدار الآخرة والحياة الآخرة، إنما هو إيمان بمحكمة العدل الرباني، وما تستتبع من جزاء، والرغبات الإنسانية لو تركت وشأنها لحلا لها أن تتخلص من قانون الجزاء لكي تنطلق في فجورها دون أن تقف في طريقها حدود أو ضوابط.

فقضية الإنكار هي القضية التي تحاول إخضاع الواقع الكوني للأهواء والعواطف والرغبات والشهوات، لا قضية الإيمان باليوم الآخر.
وقد كشف القرآن هذه الحقيقة من حقائق نفوس المنكرين، فقال الله

اسم الکتاب : كواشف زيوف المؤلف : الميداني، عبد الرحمن حبنكة    الجزء : 1  صفحة : 497
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست