responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كواشف زيوف المؤلف : الميداني، عبد الرحمن حبنكة    الجزء : 1  صفحة : 496
لا أجد المبرر العقلي لوجود هذا الحيوان الغريب الذي يتحدث عنه هذا العالم، فأنا لم أشاهد في البحر نظيره، لما كان كلامه أكثر سقوطاً من ناحية الاستدلال العلمي من كلام "برتراند رسل"، إذ أنكر وجود الحياة بعد الموت في ظروف غير ظروف هذه الحياة الدنيا، على الرغم من أن هذا الرجل فيلسوف وعالم واسع الاطلاع، إلا أن الهوى قد يحوّل العقل الفيلسوف الكبير، إلى عقل هذا السماك.
وأضرب مثلاً آخر يشابه إنكار "رسل".
لو أن شركة "مرسيدس" الألمانية، وضعت في خطتها أن تنتج سيارة بعد ربع قرن، ذات صفات معينة حددتها، ورسمتها، وقدمت فيها لعملائها بعض مصوراتها، وذكرت لهم قرارها في ذلك، وقدمت لهم عروض مبيعات رخيصة الثمن على طريقة السلف، أو السلم.
ثمّ جاء حوذي عربة نقل تجرها البغال في الأدغال، فقال: لا أجد المبرر العقلي لإمكان وجود هذا النوع من السيارات التي قررت إنتاجها شركة "مرسديس" التي لا أعرفها ولا أؤمن بوجودها.
ألا يوجد تطابق كبير بين حال هذا الحوذي في إنكاره، وحال "رسل" الفيلسوف الكبير؟.
فاعجب للهوى كيف يسقط صاحبه!!
لقد أراد "رسل" أن يخضع الدار الآخرة، والحياة الأخرى، للمقاييس التجريبية التي نخضع لها ظواهر هذا الكون المادّية، في ظروف الحياة الدنيا التي نعيش الآن فيها، مع أن الدار الآخرة، والحياة الأخرى، لا تخضعان منذ الآن لهذه المقاييس، وهما عنا وراء ستار الغيب الذي أخبر عنه خالقه وواضع خطته القدير العليم الحكيم.
إن "رسل" بقياسه هذا يشبه من يزن الضغط الجوي بميزان البقال، أو يزن الكثافة بميزان الحرارة، أو يقيس الذكاء بمساحة الجمجمة، أو يزن بحور الشعر بالسانتمتر.

اسم الکتاب : كواشف زيوف المؤلف : الميداني، عبد الرحمن حبنكة    الجزء : 1  صفحة : 496
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست