(7) وزعم "أوجست كونت" أن أفكاره هذه مستمدة من الواقع، وأن واقعيته هذه قد تحررت من الأوهام الكنسية القديمة، التي تعتمد على الموجودات الغيبية غير الواقعية.
وبعد تحديده لهذه الواقعية لم يَرَ بأساً من أن يَعُودَ إلى التصوُّرِ القديم الذي كان يُضيف إلى الأشياء المادية نفساً وحياةً، باعتبار أن هذه الإضافة مَصدَرُ قُوَّةٍ للغة وللفن ولكل ما من شأنه أن يُفيد في بقاء "الموجود الأعظم" ونمائه.
* * *
(8) واستولت فكرة الثالوث النصرانية على ذهن ونفس "أوجست كونت" فرأى أن يخترع لدين الإنسانية الذي اخترعه ثالوثاً آخر غير ثالوث النصارى.
* أما العنصر الأول من ثالوثه فهو "الإنسانية" الذي سماه "الموجود الأعظم".
* وأما العنصر الثاني من ثالوثه فهو الأرض، واعتبرها "الفَتَشَ الأَعظم" أي: الكائن المادي الأعظم، وأثبت له حياةً روحيةً ونفسيةً شبيهةً بحياة الإنسان.
* وأما العنصر الثالث من ثالوثه فهو السماء أو الهواء، وقد سمّاه "الوسط الأعظم" الذي تكونت فيه الأرض، التي هي "الفَتَشُ الأعظم".
* * *
(9) وجعل "كونت" مجتمعه الذي تخيّله مؤلفاً من أربع طبقات:
الطبقة الأولى: طبقة الفلاسفة مع الشعراء والأطباء، الذي رأى أن تتألف من نخبة منهم الهيئة الدينية العليا، كما سبق بيانه، فهم بمثابة العقل المفكر المدبّر الموجّه في الفرد.
الطبقة الثانية: طبقة النساء اللواتي هنَّ بمثابة أعضاء العاطفة في الفرد.