ويؤيد أن الأحاديث المكتومة لو كانت من الأحكام الشرعية ما وسعه كتمانها قوله رضي الله عنه: "إن الناس يقولون: أكثر أبو هريرة. ولولا آيتان فى كتاب الله ما حدثت حديثاً ثم يتلو: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [1] .
... وأبو هريرة فى كل هذا، بل والصحابة أجمع، لا يكتمون علماً ينتفع به حتى ولو كان هذا العلم ليس فيه حكم شرعى.
كيف! وهو رضي الله عنه الراوى لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما من رجل يحفظ علماً فيكتمه، إلا أتى به يوم القيامة مُلْجَماً بلجامٍ من النار" [2] . [1] الآيتان 159، 160 من سورة البقرة، والحديث أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب العلم، باب حفظ العلم 1/258 رقم 118. [2] أخرجه أبو داود فى سننه كتاب العلم، باب كراهية منع العلم 3/321 رقم 3658، والترمذى فى سننه كتاب العلم، باب ما جاء فى كتمان العلم 5/29 رقم 2649، وقال أبو عيسى: حديث حسن، وأخرجه ابن ماجة فى سننه المقدمة، باب من سئل عن علم فكتمه1/98 رقم261، والحاكم فى المستدرك كتاب العلم 1/181 رقمى 344، 345، وقال صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبى.