وهذا أبو ذر رضي الله عنه يقول: "لَوْ وَضَعْتُم الصَّمْصَامَة [1] على هَذِهِ (وأَشارَ إلى قَفَاهُ) ثُمَّ ظَنَنْتُ أَنىِّ أُنفِذُ كَلَمةً سَمِعْتُها مِنَ النبىِّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ تُجيزوا علىَّ لأَنْفَذْتُها" [2] .
فالمراد بمنع التحديث هنا كما قال الحافظ ابن حجر فى ضابطه: "أن يكون ظاهر الحديث يقوى البدعة، وظاهره فى الأصل غير مراد، فالإمساك عنه عند من يخشى عليه الأخذ بظاهره مطلوب [3] .
وهذا يعنى أن من لا يخشى عليه ذلك يبلغونه خروجاً من إثم كتمان العلم.
ويقول صاحب توجيه النظر: "إن المحدث يجب عليه أن يراعى حال من يحدثهم، فإذا كان فيما ثبت عنده ما لا تصل إليه أفهامهم وجب عليه ترك تحديثهم به دفعاً للضرر، فليس كل حديث يجب نشره لجميع الناس" [4] . [1] الصَّمْصَامَةُ بمهملتين الأولى مفتوحة هو السيف الصَّارم الذى لا ينثنى، وقيل الذى له حد واحد، انظر: النهاية فى غريب الحديث والأثر3/52،والقاموس المحيط4/138،ومختار الصحاح ص370 [2] أخرجه البخارى معلقاً فى صحيحه (بشرح فتح البارى) كتاب العلم، باب العمل قبل القول والعمل 1/192، وأخرجه الدارمى فى سننه المقدمة، باب البلاغ عن الرسول صلى الله عليه وسلم وتعليم السنن 1/146 رقم 545. [3] فتح البارى 1/272 رقم 127. [4] توجيه النظر ص 63.