والجواب: يبطل التقسيم السابق الذى ذهب إليه بعض غلاة الشيعة ما هو مقرر عند الأصوليين من اتفاقهم على جواز الاجتهاد [1] بعد الرسول صلى الله عليه وسلم [2] أما فى عصره صلى الله عليه وسلم فقد اختلفوا فيه، فذهب أكثر أهل الأصول على جوازه فى حضرته وغيبته صلى الله عليه وسلم والتعبد به [3] ومنع من ذلك الجبائى (4) [1] الاجتهاد لغة: مأخوذ من الجهد، وهو المشقة والطاقة، فيختص بما فيه مشقة ليخرج عنه ما لا مشقة فيه وقال الرازى فى المحصول: هو فى اللغة عبارة عن استفراغ الوسع، فى أى فعل كان يقال استفرغ وسعة فى حمل الثقيل، ولا يقال: استفرغ وسعة فى حمل النواة. انظر: القاموس المحيط 1/283، والمحصول 2/489، والإحكام لابن حزم 8/629. وأما فى عرف الفقهاء: فهو: استفراغ الوسع فى النظر فيما لا يلحقه فيه لوم مع استفراغ الوسع فيه. وهذا سبيل مسائل الفروع، ولذلك تسمى هذه المسائل مسائل الاجتهاد، والناظر فيها مجتهد وليس هذا حال الأصول انظر: المحصول للرازى 2/489، وانظر: تقرير الاستناد فى تفسير الاجتهاد للإمام السيوطى ص29-66. [2] نقل هذا الاتفاق الآمدى فى الإحكام 4/152، والرازى فى المحصول 2/494، والسبكى وولده فى الإبهاج 3/252. [3] اختاره جماعة من المحققين منهم الغزالى فى المستصفى 2/354، وأبى الحسين فى المعتمد 2/213
(4) الجبائى هو: محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائى أبو على. ينسب إلى جبى -من قرى البصرة-كان من أئمة المعتزلة، ورئيس علماء الكلام فى عصره، وإليه تنسب الطائفة الجبائية. له مقالات وآراء انفرد بها. من آثاره:"كتاب الأصول" "التفسير الكبير" وغير ذلك مات سنة303 هـ. له ترجمة فى: وفيات الأعيان 4/267-269 رقم 607، وسير أعلام النبلاء 14/183رقم 102، والبداية والنهاية 11/134، ولسان الميزان 6/320 رقم 7783، وطبقات المفسرين للداودى 2/191 رقم 529، وطبقات المعتزلة لابن المرتضى ص7، 57، 68، والأعلام 6/256.