وقال صلى الله عليه وسلم. "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع" [1] .
وهكذا فإن العرب تطلق على كل من ابتدأ أمراً عمل به قوم من بعده، بأنه هو الذى سنه، ومن هذا المعنى قول نصيب:
كأننى سننت الحب أول عاشق *** من الناس إذا أحببت من بينهم وحدى
وخصها بعض أهل اللغة بالطريقة المستقيمة الحسنة دون غيرها، ولذلك قيل: فلان من أهل السنة [2] .
والحق هو ما عليه جمهور أهل اللغة ويؤيدهم فى الإطلاق الآيات والأحاديث السابق ذكرها وقول خالد الهذلى المتقدم [3] .
والعلاقة بين المعنيين (اللغوى والاصطلاحى) ظاهرة؛ لأن سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم. من قول، أو فعل، أو تقرير أو ... إلخ. طريقة متبعة عند المؤمنين ليس لهم خيرة فى أمره صلى الله عليه وسلم. كما قال رب العزة {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِينًا} [4] .
قال الدكتور همام عبد الرحيم سعيد: "وسنة النبى صلى الله عليه وسلم. تحمل هذه المعانى اللغوية، لما فيها من جريان الأحكام واطرادها، وصقل الحياة الإنسانية بها، فيكون وجه المجتمع السائر على هديها ناضراً بخيرها وبركتها، ويستفاد من المعانى اللغوية أن السنة فيها معنى التكرار والاعتياد، وفيها معنى التقويم، وإمرار الشئ على الشئ من أجل إحداده وصقله [5] .
3- كما ترد "السنة" بمعنى العناية بالشئ ورعايته، يقال: سن الإبل إذا أحسن رعايتها، والعناية بها [6] . [1] متفق عليه من حديث أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه: البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الاعتصام بالسنة، باب قول النبى صلى الله عليه وسلم، لتتبعن سنن من كان قبلكم 13 /312 رقم 7320، ومسلم (بشرح النووى) كتاب العلم، باب إتباع سنن اليهود والنصارى 8 /472 رقم 2669 [2] إرشاد الفحول للشوكانى 1 /155، ولسان العرب لابن منظور 13 /225، والمعجم الوسيط لإبراهيم أنيس وآخرون 1 /455 [3] حجية السنة للدكتور عبد الغنى عبد الخالق ص 46 [4] الآية 36 من سورة الأحزاب، وانظر: الحديث النبوى للدكتور محمد الصباغ ص 139 [5] الفكر المنهجى عند المحدثين ص 27 [6] لسان العرب 13 /225، والقاموس المحيط 4 /233