هذا الحديث الذي استشهد به خصوم السنة المطهرة روي من طرق مختلفة كلها ضعيفة لا يصلح شيء منها، بل ولا بمجموعها للاحتجاج والاستشهاد. وكشف عن ذلك علماء الحديث.
فقال الإمام البيهقي: "قال ابن خزيمة: في صحة هذا الحديث مقال، لم نر في شرق الأرض ولا غربها أحدًا يعرف خبر ابن أبي ذئب [1] من غير رواية يحيي بن آدم [2] ، ولا رأيت أحدًا من علماء الحديث يثبت هذا عن أبي هريرة. وهو مختلف على يحيي بن آدم في إسناده ومتنه اختلافًا كثيرًا يوجب الاضطراب، منهم من ينكر أبا هريرة، ومنهم من لا يذكر ويرسل الحديث، ومنهم من يقول في متنه: "إذا رويتم الحديث عنى فاعرضوه على كتاب الله" [3] .
وقال البخاري في تاريخه: وقال يحيى بن آدم عن أبى هريرة وهو وهم، ليس فيه أبو هريرة [4] ، وفي علل ابن أبي حاتم قال: قال أبي: هذا حديث منكر، الثقات لا يرفعونه [5] . أى لا يرفعون في إسناده فوق المقبري، ليوافق قول البخاري.
وقال العقيلي في الضعفاء: ليس له إسناد يصح (6) [1] هو: محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبى ذئب القرشي العامري، أبو الحارث، المدني، أحد الأعلام، ثقة فقيه فاضل. مات 158هـ. وقيل 159 هـ. له ترجمة في: تقريب التهذيب 2/ 105 رقم 6102، والكاشف 2/ 194 رقم 5001 والثقات لابن شاهين ص 278 رقم 1140، والجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسراني 2/ 444 رقم 1695. [2] هو: يحيى بن آدم بن سليمان الكوفي، أبو زكريا، مولى بني أمية، أحد أعلام ثقة حافظ فاضل مات سنة 203هـ. له ترجمة في: تقريب التهذيب 2/ 296 رقم 7523، والكاشف 2/ 360 رقم 6124، والثقات للعجلي 468 رقم 1789، والتعريف برواة مسند الشاميين للدكتور على جماز ص 463 رقم 874. [3] انظر: مفتاج الجنة في الاحتجاج بالسنة ص 39. [4] التاريخ الكبير 3/ 474 رقم 1585 ترجمة سعيد المقبري. [5] العلل لابن أبى حاتم 2/ 310.
(6) الضعفاء الكبير 1/ 32، 33 رقم 14.