اسم الکتاب : قذائف الحق المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 219
والهجرة المفروضة هنا هى التحول من مكان يهدد فيه الإيمان وتضيع معالمه إلى مكان يأمن فيه المرء على دينه، ولكن حيث استقرت دار الإسلام فلا تحول، وإنما يبقى المسلمون حيث كانوا ليدفعوا عن ترابهم ذرة ذرة ولا يسلموا فى أرض التوحيد لعدو الله وعدوهم.
والآية تحرم قبول الدنية وإلف الاستضعاف، وتوجب المقاومة إلى آخر رمق.
ومما يؤكد هذا المعنى أن القرآن أحصى الطوائف التى تعذر فى هذا التمرد المطلوب على قوى الشر.
ومع استثنائها فإن مصيرها ذكر معلقاً على " رجاء " المغفرة والعفو لا على " توكيد " ذلك!!
".. إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم " [النساء: 98] .
والتعبير بـ " عسى " هنا مثير للقلق، وهى إثارة مقصودة حتى لا يقعد عن مكافحة المعتدين من يقدر على إلحاق أى أذى بهم مهما قل.
ولا يقيم على ضيم يراد به
إلا الأذلان عير الحى والوتد
هذا على الخسف مربوط برمته
وذا يشق فلا يرثى له أحد
المسلم لا يقبل الحياة على أية صورة وبأى ثمن، إما أن تكون كما يبغى، وإما رفضها وله عند ربه خير منها.
ومن صيحات الكرامة والإباء قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد "! [الترمذى فى الديات، وأبو داود فى السنة]
وفى حديث آخر " من قتل دون مظلمته فهو شهيد "! [صحيح رواه الشيخان وأصحاب السنن الأربعة وأحمد]
هل رأيت استنهاضاً للهمم واستنفاراً للنضال، واستثارة للذود عن الدماء والأموال والأعراض أحر من هذه المبادئ؟!
اسم الکتاب : قذائف الحق المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 219