وإلا فرب العزة هو القائل فى نفس سورة النحل، وقبل هذه الآية قال: {ليبين لهم الذى اختلفوا فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين} [1] .
وقال سبحانه: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} [2] .
وقال عز وجل: {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذى اختلفوا فيه} [3] .
فتلك ثلاث آيات كريمات فى نفس سورة النحل، وسابقة لآية {ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شئ} والثلاث آيات تسند صراحة مهمة التبيين إلى نبيه صلى الله عليه وسلم.
فهل يعقل بعد ذلك أن يسلب الله عز وجل هذه المهمة - التبيين - التى هى من مهام الرسل جميعاً
كما قال عز وجل: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم} [4] .
ويوقع التناقض بقوله - جل جلاله -: {ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شئ} .
وقوله عز وجل: {وهو الذى أنزل إليكم الكتاب مفصلاً} ؟ ! .
إن كل الرافضين لمهمة رسول الله البيانية، لابد أن يلتزموا بهذه النتيجة التى تعود بالنقض على الإيمان بالكتاب، وبمن أنزل الكتاب جل جلاله، سواء أقروا بلسانهم بهذا النقض أم لا، وتنبهوا إلى ذلك أم لا؟!! .
... ويجدر بى هنا أن أشير إلى ما قاله الحافظ ابن حجر مبيناً المراد من الأحاديث والآثار المؤذنة بالاقتصار على كتاب الله عز وجل. نحو قوله صلى الله عليه وسلم: "وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله" [5] . [1] الآية 39 النحل. [2] الآية 44 النحل. [3] الآية 64 النحل. [4] الآية 4 إبراهيم. [5] جزء من حديث طويل أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الحج، باب حجة النبى صلى الله عليه وسلم 4/431، 432 رقم 1218 من حديث جابر بن عبد الله رضى الله عنه.