المستقبل، ومن جهة الطريق أو الأداة، أو الوسيلة، التى يعبر خلالها "البيان" أو "التبيين"
إلى مستقبله.
هل يكفى هذا لبيان السبب فى اختصاص كل لفظ بموضعه؟.
وهل يزعم زاعم بعد هذا أن بالإمكان التعبير عن كلا "البيانين" "بيان الله" و"تبيين رسوله"
للقرآن بلفظ واحد.
إن الفرق من السعة والوضوح والعمق، بحيث يفرض اختلاف التعبير فى هذين المقامين
المختلفين [1] .
إن المراد بتفصيل وتبيان الكتاب لكل شئ يعنى: تفصيل وتبيان القرآن لكل شئ من أحكام هذا الدين كقواعد كلية مجملة.
أما تفاصيل تلك القواعد، وما أشكل منها، فالبيان فيها راجع إلى تبيين رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويدل على ذلك قول ابن مسعود فى قوله تعالى: {تبياناً لكل شئ} قال: قد بين لنا فى
هذا القرآن، كل علم، وكل شئ. وقال مجاهد: كل حلال وحرام.
وقول ابن مسعود أعم وأشمل؛ فإن القرآن اشتمل على كل نافع من خبر ما سبق، وعلم ما سيأتى، وكل حلال وحرام، وما الناس إليه محتاجون فى أمر دنياهم ودينهم، ومعاشهم ومعادهم.
وقال الأوزاعى "تبياناً لكل شئ" أى بالسنة [2] .
...
ولا تعارض بين القولين – ابن مسعود والأوزاعى – فابن مسعود يقصد العلم الإجمالى الشامل،
والأوزاعى يقصد تفصيل وبيان السنة لهذا العلم الإجمالى.
ومن هنا؛ فالقول بأن القرآن الكريم تبيان لكل شئ قول صحيح فى ذاته بالمعنى الإجمالى السابق، ولكن الفساد فيما بنوه عليه من قصر مهمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، على بلاغ القرآن فقط، وإنكار مهمته البيانية (السنة المطهرة) والاكتفاء بالقرآن ليؤولوه حسب أهوائهم! . [1] السنة بياناً للقرآن للدكتور إبراهيم الخولى ص4،5،21،47، 48. [2] ينظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير 4/513.