كل التعليلات العقلية الصحيحة، والمفسرة لكل الظواهر الكونية، بعد تجاوز سلسلة الأسباب مهما كثرت حلقاتها.
وهنا أيضاً تكمن رذيلة جحود الحقيقة الغيبية الكبرى، لأن هذا الجحود القائم على طرح الأدلة العقلية الاستدلالية والأدلة الفطرية الوجدانية، والتشبث ببعض حلقات السلسلة السببية، مع أنها لا تملك في الحقيقة أي دليل يصح أن تفسر به الظاهرة الكونية، إلا أن الملاحظة كشفت عن ارتباط الظاهرة الكونية بها، كارتباط رأس الحمار بسلسلة رسنه المعقود بذيل آخر جمل في قافلة طويلة تسير في ليل دامس، والغبي أو الأحمق أو المعاند المكابر هو الذي يقف تفكيره عند رأس الحمار، أو عند بعض حلقات السلسلة التي في رسنه، أو عند ذيل البعير.
فالنقاش المنطقي حول هذه النطقة يدعونا إلى الرجوع إلى قضية الإيمان بالله، وقد سبق أن عالجناها ببيان كاف فإليها نحيل القارئ.
على أننا نقول هنا: إن الملحدين قد جعلوا معجزة الخلق كلها ظاهرة طبيعية، وقطعوا الصلة بينها وبين الخالق، أفيقبلون فكرة خرق قوانين الكون وسننه بفعل الخالق لحكمة يريدها، وقد رفضوا الاعتراف بوجود خالق أصلاً؟
ونقول أيضاً: باستطاعتنا أن نناقش قضية المعجزات مناقشة عقلية وعلمية، لإثبات خطأ الملحدين في رفضها بوصفها ظاهرة من الظواهر التي جرت أحداثها في تاريخ الكون، مهما يكن تفسيرهم للظواهر الكونية خاضعاً لقواعد الفكر المادي.
إن إنكار الأحداث التي جرت فعلاً في تاريخ الكون لا يسوغ من وجهة نظر العلم أو من وجهة نظر العقل لمجرد كونها مخالفة في مفاهيمنا للقوانين التي استخرجناها من مشاهدات الطبيعة وأحداثها، وإنما يجب بعد ثبوتها في الواقع محاولة استنباط تفسير وتعليل لها. أما مجرد الرفض والإنكار فليس عملاً علمياً ولا عقلياً.
إن كل ما نشاهده في الكون من أحداث وظواهر لو دققنا النظر فيه ورفعنا عنه ستار الرؤية المتكررة له لكان في مفاهيم العقلاء معجزة من المعجزات، وعجيبة