responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صراع مع الملاحدة حتى العظم المؤلف : الميداني، عبد الرحمن حبنكة    الجزء : 1  صفحة : 289
(12)
حول المعجزات
أثار الناقد (العظم) أكثر من مرة موضوع المعجزات الربانية التي أجراها الله على أيدي رسله وأثبتتها الأديان السماوية، بوصفها حادثات تاريخية جرت في تاريخ الكون، وباعتبارها بعض مظاهر قدرة الله المخالفة بصفة استثنائية لمظاهر قدرته في سننه وقوانينه الدائمة.

وزعم أن الحديث عن هذه المعجزات حديث لا يقبله العلم وأن العلماء الماديين لا يرتاحون من وجهة نظرهم إلى الآيات القرآنية التي تروي كيف شق موسى البحر بعصاه، وكيف تحولت النار فجأة إلى برد وسلام على إبراهيم، ونحو ذلك من معجزات ربانية.

الواقع أن مشكلة (العظم) في هذا ومعه سائر الملحدين الماديين مرتبطة أساساً بقاعدة الإيمان الأولى، وبما أنهم أنكروا الحقيقة الكبرى وهي حقيقة وجود الله فلا بد أن ينكروا كل ما يستند إليها وخرق قوانين الكون وسننه لا يتم إلا بقدرة الخالق الذي وضع هذه السنن والقوانين، وبإراداته التي تقتضيها حكمته، لكن الفرضية التي أقام الملحدون عليها عقيدتهم هي إنكار وجود الخالق، واعتبار هذا الكون عملاً مادياً آلياً أنتجته الصدفة التي لا تفسير لها، ولذلك فهم يرون قصة المعجزات المخالفة لنظام الكون وقوانينه الثابتة من قبيل الأساطير، وليست من قبيل الحقائق التاريخية الثابتة.

لأجل هذا فإن معالجتنا لهم يجب أن تبدأ من مستوى القاعدة الإيمانية الأولى، وهي الإيمان بالله وبكمال صفاته، وبقدرته على خلق ما يشاء، وبقدرته على خرق السنن التي جعلها هو ثابتة في كونه، ولو أنه شاء أن يجعلها على خلاف ذلك لجعلها، ولكن أسلوبه في الخلق كان على هذا الوضع القائم على نظام الترابط السببي بين الأشياء، وبين الأحداث والتغيرات فيها.
وهنا تكمن فضيلة الإيمان بالغيب القائم على الاستدلال العقلي، والانتقال من السبب الذي لا يملك تعليلاً عقلياً، إلى مسبب الأسباب كلها الذي تنحصر فيه

اسم الکتاب : صراع مع الملاحدة حتى العظم المؤلف : الميداني، عبد الرحمن حبنكة    الجزء : 1  صفحة : 289
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست