أما قوله: "إن نمو الخلية يخضع لقوانين تمكننا من التحكم بنموها، بتأخيره أو إسراعه أو تشويهه" فهو لا يتعارض بحال من الأحوال مع العقيدة الإيمانية، لأننا جميعاً في حياتنا على وجه الأرض لا في عالم الأجنة نخضع لقوانين ربانية تمكننا من التحكم بعض الشيء بنمو أجسادنا أو تشويهها أو إتلافها، نظير تحكمنا بالأجنة، والإنسان القديم يعلم هذا كل العلم، ولا يجد فيه معارضة لنظام الخلق الرباني ولا لقاعدته العامة. فالمؤمن يعلم أن لكل ظاهرة سبباً يخضع لسنَّة الله في كونه، ويعلم أن الخلاق الحقيقي من وراء الأسباب هو الله تعالى، إن القضية في نظره تشبه عملية إدارة زر الكهرباء التي يضيء المصباحُ بسببها، ولكن السبب الحقيقي في الإضاءة هي القوة الكهرباء التي يضيء المصباحُ بسببها، ولكن السبب الحقيقي في الإضاءة هي القوة الكهربائية السارية، ومن ورائها المولد الكهربائي، ومن ورائه صانع هذا المولد ومديره، ولو شاء لقطع التيار الكهربائي من عنده فلم يكن لإدارة الزر الكهربائي الفرعي أي أثر، ولانعدمت بذلك كل الظواهر، ولم يكن للأسباب الوسيطة أية قيمة.
هذا هو منطق المؤمنين، وذلك هو سخف الملحدين.
(11)
من العجيب أن نجد الناقد (د. العظم) ينكر على الباحثين الإسلاميين دعوتهم المسلمين إلى الأخذ بأسباب العلم في كل مجال من مجالات المعرفة، ويرى أن الإسلام يدعو فقط إلى تعلم علوم الدين، أما العلوم الأخرى فإنه لا يهتم بها ولا يشجع عليها، ويرى أن الذين يقولون: إن الإسلام يحث على تعلم كل العلوم النافعة موفقون خطابيون، يحاولون أن يثبتوا الانسجام بين الإسلام والعلم بوسائلهم الخطابية، دون براهين صحيحة، ثم يزعم أن كل النصوص الإسلامية التي دعت إلى العلم والعقل والتفكر موجهة فقط إلى العلوم الدينية والشرعية وما يتعلق بها ويتفرع عنها، لا إلى الفيزياء والكيمياء وغيرهما من العلوم الطبيعية.
يقول في الصفحة (40) والتي بعدها من كتابه:
"من الأقوال التي يرددها الموفقون الخطابيون لإثبات دعواهم الحديث النبوي