اسم الکتاب : الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي المؤلف : البهي، محمد الجزء : 1 صفحة : 268
ولا منطق "العقليين"، ولا منطق "أصحاب" النظرية السيكولوجية في معرفة الإنسان- هو الذي يخط الطريق المستقيم في حياة الإنسان، وهو الذي يحدد أهدافه فيها! وطريق الإنسان في حياته الطبيعية يبتدئ من الفرد وينتهي بالجماعة. وإذن: فالفرد نفسه ليس غاية، وحياته التي يعيشها ليست هدفا لسعيه، وإنما غايته الأخيرة التي يجب أن يسعى إليها، ويذهب فيها -كما يذهب العابد الصوفي صاحب عقيدة "الاتحاد" فيما يؤلهه ويعبده- هي الجماعة، وطالما كانت الجماعة هي غاية الفرد الأخيرة، فهي معبودة، وتذهب حريته فيها لتبقى لها الحرية، وتفنى حياته في سبيلها لتبقى لها الحياة الأبدية الخالدة.
كومت Comte:
و"أوجست كومت"، في مقدمة بناة هذا المذهب الوضعي، كما سبق أن تحدثنا عنه هنا فيما قبل[1]. ونعيد الحديث عنه مرة أخرى لصلة مذهبه بفلسفة "ماركس" وبما يراه هذا الآخير في أن "الدين مخدر" تلك القضية التي هي موضوع هذا الفصل من الباب. ولا تتجاوز نظرته الفلسفية في قليل ولا كثير الرغبة في الإصلاح الشامل للجماعة الإنسانية، وهو يحمل استقلال الأفراد والبحث الحر واستقلال الاتجاه في الحياة، مسئولية ما ينتج عن "الاستقلال" و"الحرية" من فوضى الآراء وفوضى الأحوال العامة ... وهو إذن من أصحاب "الجبر" و"التقبيد".
وإصلاح الجماعة في نظره، يراه في سيادة المعلم على كل شيء. وفي الدرجة الأولى يراه في وجوب إخضاع أعمال الحياة إلى مبدأ عام له اعتباره، إخضاعا يقترب في اتساع نطاقه مما كان لنظام العصر الوسيط والكاثوليكي, وإن اعتبر هذا النظام مضللا في نظره.
كما يرى أنه يجب أن يحل "العلم الواقعي" محل "اللاهوت" ... هذا العلم الذي يتحمل حرية الإيمان تحملا قليلا وفي نطاق ضيق، على نحو ما تحمل اللاهوت وقت سيادة الكنيسة!! فاللاهوت المسيحي كان لا يطبق [1] ص 220 من هذا الكتاب "الفكر الإسلامي"، وإعادة الحديث عنه مرة أخرى هنا كالحديث عن الاتجاهات الفكرية في تاريخ الجماعة الأوروبية منذ الإصلاح الديني إلى القرن التاسع عشر، هو لتوضيح فلسفة كارل ماركس.
اسم الکتاب : الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي المؤلف : البهي، محمد الجزء : 1 صفحة : 268