الجري الشديد المصحوب بالضرب العنيف، وكلما ازدادت سرعة الطابور تزايد عدد الضحايا، بين فاقد الوعي ومقعد تماما لا يقوى على الحركة، والشيء الملفت للنظر أن من يقع على الأرض، يتجمع الشرطة حوله وينهالون عليه ضربا بالكرابيج، فإما أن يقوم إذا استطاع وإما أن يمزق جسمه فوق ما به من تمزيق، وفي موكب الطابور تتساقط العروق مصحوبة بالدماء من أجساد البشر) [نافذة على الجحيم ص80] .
ولعل بعض المقاطع من قصيدة أحد المعذبين، وهو من العلماء الأفذاذ في هذا العصر تظهر بعض صور القسوة لزعيم الثورة العربية والقومية العربية وأعوانه:
قال في مطلع قصيدته:
ثار القريض بخاطري فدعوني ... أفضي لكم بفجائعي وشجوني
فالشعر دمعي حين يعصرني الأسى ... والشعر عودي يوم عزف لحوني
ألهمتها عصماء تنبع من دمي ... ويمدها قلبي وماء عيوني
نونية والنون تحلو في فمي ... أبدا فكدت يقال لي ذو النون
في ليلة ليلاء من نوفمبر ... فزِّعت من نومي لصوت رنين
فإذا كلاب الصيد تهجم بغتة ... وتحوطني من شمأل ويمين
فتخطفوني من ذويّ وأقبلوا ... فرحا بصيد للطغاة سمين
وعزلت عن بصر الحياة وسمعها ... وقذفت في قفص العذاب الهون