(ينادي جاويش السجن: كل الناس بره [أي اخرجوا جميعا] الزنازين. وهذا النداء يستعمل دائما إذا أرادوا أن يلقوا أمرا عاما على الجميع ويقول الجاويش: إحنا -نحن- حننزل -سننزل- دي الوأت -ذا الوقت- علشان -من أجل- تشموا هواء يا أولاد الكلب! ويقول: انزل بسرعة يا بن الكلب، وما هي إلا لحظات فتتدفق الجموع الغفيرة سريعا.. وبها ما بها من الآلام.. وهم مع ذلك صفوة أبناء الشعب ومن أنبل أبنائه، فيهم الوزير ووكيل الوزارة، والطبيب والمهندس، والمحامي، والتاجر والصانع، والمزارع، والطالب، والمدرس، والقاضي، والفراش، والضابط، ثم ينتظم الجميع عدة طوابير في مكان واسع كبير، ويبدأ سير الطابور سريعا.. ويسير الطابور في شبه دائرة أو مستطيل.. والطابور يتكون من عدة صفوف ويقف على جانبي كل صف رجال الجيش [الذي الأصل فيه أن يعد للجهاد في سبيل الله وطرد العدو اليهودي من بلاد المسلمين في أرض الإسراء والمعراج!] وهم ممسكون بالسياط والكرابيج والمدافع الخفيفة في أكتافهم، ويسير الطابور تحت الضرب، فكل شرطي يكلف أن يضرب من يمر عليه بصفة مستمرة، وبمرور الوقت تهوي الضحايا على الجانبين، لطول الزمن الذي قد يمتد إلى ثلاث ساعات متواصلة من