يقول ابن حجر مبينًا فائدة جليلة في عناية الرسول صلى الله عليه وسلم بثمامة: " وفيه الملاطفة بمن يرجى إسلامه إذا كان في ذلك مصلحة للإسلام، ولا سيما من يتبعه على إسلامه العدد الكثير من قومه " [1] .
وفي هذا الصدد يعلّق النووي قائلا: " هذا من تأليف القلوب، وملاطفة لمن يرجى إسلامه من الأشراف الذين يتبعهم على إسلامهم خلق كثير " [2] .
وقد «صلى عليه الصلاة والسلام على رأس المنافقين عبد الله بن أبي، واستغفر له إلى أن نهي عن ذلك بقوله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] » [3] .
فما السر في عنايته صلى الله عليه وسلم بهذا الرجل، وهو من أكبر أعداء الدعوة في عهدها المدني؟
يشير ابن حجر إلى السر في ذلك بقوله: " قال الخطابي: إنما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع عبد الله بن أبي ما فعل لكمال شفقته على من تعلق بطرف من الدين، ولتطييب قلب ولده عبد الله الرجل الصالح، ولتألف قومه من الخزرج لرياسته فيهم " [4] .
ولو تأملت رسائله صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الإسلام لوجدتها تصدر لمن لهم المكانة والتعظيم من قبل أقوامهم: «من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عظيم [1] ابن حجر، فتح الباري 8 / 421. [2] النووي، شرح صحيح مسلم 12 / 89. [3] سورة التوبة، الآية: 84. [4] ابن حجر: فتح الباري 9 / 235.