ويفرغ ثم يتبلد الذهن والشعور فلا يجد المتدين منا إزاء كل خطب ومكروه إلا أن يسترجع ويحوقل (استرجع: أي قال إن الله وإنا
إليه راجعون وحوقل: أي قال لا حول ولا قوة إلا بالله) ، ثم بعد ذلك يظن أنه قد أدى دوره وقام بواجبه، وهذا لون آخر من ألوان التنفيس.
* كل هذه الألوان السابقة لا تشكل في مجموعها نقداً حقيقياً ولا معارضة ولا تسديداً للحاكم ونصحاً له كما أراد الله سبحانه وتعالى، لأسباب يطول شرحها، ومع أن هذه الألوان المختلفة من ألوان التنفيس التي تمارس على الساحة العربية والإسلامية لا تشكل في مجموعها ضيقاً للحكام ولا إزعاجاً لهم، بل على العكس تساعد في تهيئة المناخ للسياسات المغلوطة أو كما قلنا سابقاً تنعش الجسم المخدر الذي تزرع إسرائيل فيه ببطء شديد، أو قل تساعد في إخراج كمية من البخار المضغوط في قدر يغلي بطعام غليظ.. أقول بالرغم من نفع هذه الألوان من ألوان التنفيس للسياسات الخاطئة، فإنه يلجأ أحياناً إلى إلغائها وكتمها فكم من مسرحية ألغيت ومن قصيدة شعرية صودرت، ومن خطيب منع من منبره ومن محترف للتنكيت والإضحاك أودع السجن!!
ويبدو أن الحكام الذين يعمدون إلى إلغاء هذه الأنواع من أنواع التنفيس عن الناس لم يستفيدوا بحكاية شوقي الشعرية الرمزية "الأسد والضفدع" الذي يشبه فيها الحكم بالأسد والمعارضة التنفيسية بالضفادع فيقول:
قالوا:
استوى الليث على عرشه ... فجيء بالمجلس بالضفدع
وقيل للسلطان هذي التي ... بالأمس أدت عالي المسمع
تنقنق الدهر بلا علة ... وتدعى في الماء ما تدعى