السياسي فهو في حقيقته رسم مضحك يصور الموقف السياسي الخاطئ ويدفعنا أيضاً إلى الضحك والقهقهة وبالتالي الراحة والرضا وبذلك نكون مؤهلين غداً إلى جرعة جديدة من الألم فجرعة جديدة من الضحك وهكذا.. ويرقى عن هذا درجة الكتابة السياسية الساخرة، وتكاد تكون جميع الكتابات السياسية العربية التي لا تنهج نهج الحاكم على هذا النحو وذلك أن المعارضة بالكلمة الجادة خطرة جداً في مجتمعاتنا وتؤدي إلى ما تؤدي إليه من سجن وحرمان وتشرد، وأما إذا خرجت هذه الكتابات في أسلوب هازل فإنها تصبح لدى الحكام نوعاً من التنفيس والتفريج عن قلوب المجروحين، وأما المسرحيات والتمثيليات السياسية فهي جميعاً في بلادنا العربية من أهم أساليب التنفيس والترويح عن أمة وشعب تقطع أوصاله بالسكاكين وهو يستسلم الساعات الطويلة لضحك جنوني على سياسات الحكام واعوجاجهم وهي تفيد أنها تعطي المشاهدين جرعة طويلة من الراحة والضحك والاسترخاء "والانشكاح" (حسب تعبير رواد المسرح) وبذلك يكونون مهيأين لجرعات جديدة من الألم والخنوع والذل، وهكذا دواليك والمتدينون منا يمارسون لوناً آخر من ألوان التنفيس والترويح عن النفس وهذا يتمثل في خطب الجمعة النارية حيث يصعد الخطيب المنبر منتفخ الأوداج محمر العينين فيلقي الناس بالحمم والزبد ساباً اليهود وأعوانهم، والمستعمرين وعملاءهم، منادياً بالجهاد المقدس لطردهم وتطهير البلاد والعباد منهم وتمتلئ قلوب الناس ونفوسهم بالحماس الفارغ وتنتهي الخطبة والصلاة ويشعر الخطيب أنه قد أدى واجبه بالقول ويشعر المصلون أنهم قد أدوا واجبهم بالسماع ويشعر الجميع براحة واسترخاء بعد قمة التوتر والحماس، وهكذا تتكرر الأدوار كل أسبوع فيعتاد المصلي أن يمتلي ويفرغ ويمتلئ