اسم الکتاب : أضواء على الثقافة الاسلامية المؤلف : العمري، نادية شريف الجزء : 1 صفحة : 26
والسلوكي علامة خير في لحظة ما ... بدعوى التطور والانطلاق. ولا يترك تراثه وماضيه بحجة التطور أيضا، لأن التراث جزء من شخصية المجتمع والأمة.
ومن ثمرات مبدأ "الثبات" في الثقافة الإسلامية أنه يعطي الفكر الإسلامي والمجتمع الإسلامي الحصانة القوية المنيعة ضد دعوات الضلال الهدامة، وبخاصة ضد الشيوعية الملحدة أو الماركسية التي أفلتت من العقيدة وأفلتت من القيم السامية.
ومن مزايا مبدأ "الثبات" في الثقافة الإسلامية أيضًا أنه يبث الطمأنينة في حياة الفرد وفي حياة المجتمع، فالفرد يعمل وينتج ضمن إطار محدد، وأفراد المجتمع كلهم يسيرون في دائرة واحدة وباتجاه موحد، فلا تتصادم المصالح، ولا تتباعد النزعات، ولا تختلف الأغراض، كل فرد في المجتمع الإسلامي يشعر بسلام نفسي داخلي وبسعادة قلبية، ويشعر بسلام حينما يتعامل مع غيره طالما أن الهدف موحد والغاية واحدة.. وفي هذا المجتمع الإسلامي تتجلى المنافسة الكريمة في أبهى صورها، إنها منافسة بالحق وللوصول إلى الحق.. وللتقدم في ترقية وسائل الحياة، ووسائل المعاش، فهناك حركة دائبة، ممتدة من الأمس إلى اليوم إلى الغد، مطردة النمو والتقدم.
ومما يثمره مبدأ "الثبات" في الثقافة الإسلامية -الثبات في الموازين والمعايير التي توزن بها أعمال الناس جميعا، فلا محاباة ولا تفاضل ولا مداهنة ولا ملاينة، فالعظيم والحقير سواء أمام المبادئ الإسلامية وأمام الأنظمة الإسلامية. وأعظم بقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأسامة بن زيد وقد جاء يشفع للمرأة المخزومية التي سرقت: "وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها"، وهل هناك فوق هذه الموازين الثابتة موازين؟ وهل هناك فوق هذه القيم الثابتة من قيم؟ فالثبات يضمن لأفراد المجتمع كلهم على حد سواء مبادئ ثابتة يتحاكمون إليها. فلا تطلق الأيدي لتعبث في أموال الآخرين أو أعراضهم ثم لا يجدون مبدأ ثابتا يفصل بينهم ويحكم حياتهم.. وإلا لغدت الحياة فوضى، خالية من معنى الحياة والفضيلة والسلام النفسي والجماعي.
قال الله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ
اسم الکتاب : أضواء على الثقافة الاسلامية المؤلف : العمري، نادية شريف الجزء : 1 صفحة : 26