responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أضواء على الثقافة الاسلامية المؤلف : العمري، نادية شريف    الجزء : 1  صفحة : 25
هاربا من الكنيسة وإلهها الذي تصول باسمه وتجول ... ومن ثم رد الحياة إلى "الطبيعة" التي لا حد لقدرتها كما يقول.. ومن ثم حاول أن يوهم أن الإثبات لشيء -على الإطلاق- بينما بحثه كله كان في دائرة خط سير الحياة بعد وجود الحياة.. ولم يكن يتناول كل شيء على الإطلاق.
والمذهب الماركسي هو أشد المذاهب "الوضعية" معارضة لحقيقة "الحركة داخل إطار ثابت وحول محور ثابت" لأن الاعتراف بهذه الحقيقة البارزة في طبيعة الكون "المادي" ذاته، يفقد المذهب ركيزته الأولى التي يقوم عليها، ويحطم دعواه في "التقدمية" كما يفهمها[1].
أما مبدأ "النقض" الذي يوصل إليه "مبدأ التطور" فيعني أن كل شيء يهدم نفسه، وأن كل شيء يتحول إلى مقابل ونقيض ومخالف.
وهذا المبدأ "الوهمي" الهدام يخالف كل فكرة تقوم على الإيمان والتصديق والثبات، ولكنه بالوقت نفسه ينقض فكرته من حيث الأساس.. فيتضح من هذا أن مبدأ النقض هو مجرد "تحكم" فكري لا رصيد له من الواقع.
وبعد هذه الموازنة بين الثقافة الإسلامية المبنية على الثبات، والثقافة الغربية المبنية على مبدأ التطور، نقول: إن الثبات في المبدأ، والثبات في القيم والمثل، لا يجرد الإنسان من كل حول وقوة، ولا يتركه متقوقعا في جحر داره منطويا على نفسه، ولا يحجر على تفكيره ولا يغل يديه ويمنعه من الإنتاج والعمل.. بل يطلق يديه للعمل، وعقله للتفكير ومواهبه للإبداع وطاقاته للإنتاج، ونشاطه للإثمار، ويجعله إنسانا متفاعلا مع الحوادث متفاعلا مع البيئة التي يعيش فيها. متفاعلا مع العلوم والمعارف يؤثر ويتأثر، يبني ويشيد، ويرتقي في سلم الأفضل نحو الخير والتقدم والعزة والسمو والمجد، ينقد ويفكر، يعطي ويغدق، ولكن كل هذه الأنشطة، وكل هذه القوى والتفاعلات، لا تخرج عن محور الثبات في القيم والثبات في الحقيقة، فلا تكون الأمانة التي هي خلق فاضل كريم، ساقطة من حسابه في يوم ما، ولا تكون الرذيلة عنده فضيلة ليصل في ساعة من ساعات حياته إلى ربح أكبر أو مغنم أوسع.. ولا يكون التدني الخلقي

[1] خصائص التصور الإسلامي. ص 88.
اسم الکتاب : أضواء على الثقافة الاسلامية المؤلف : العمري، نادية شريف    الجزء : 1  صفحة : 25
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست