responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أصول الدعوة المؤلف : عبد الكريم زيدان    الجزء : 1  صفحة : 243
أولًا: مراعاة الفطرة الإنسانية
391- فطر الله الإنسان على جملة غرائز وميول ورغبات لا يمكن قلعها واستئصالها أبدًا، وإن كان يمكن تقويمها وتهذيبها إذا ما انحرفت أو تكدَّرت، وعلى هذا فأيّ نظام يصادم الفطرة الإنسانية ويناقضها لا يمكن أن يأتي بخير، ولا تتيسَّر له فرص البقاء، ونظام الاقتصاد في الإسلام راعى جانب الفطرة للإنسان؛ لأن الإسلام هو دين الفطرة، ومن مظاهر هذه المراعاة إقراره بحق الملكية للإنسان؛ لأنه مفطور على ذلك، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك، قال تعالى: {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} ، وإقراره نظام الإرث؛ لأن الإنسان مفطور على حُبِّه لأبنائه، وقلقه عليهم إذا تركهم بدون مال، ومن ثَمَّ أقرَّ الإسلام نظام الإرث؛ لأنه ينسجم ويتفق مع هذه الفطرة.
وقد أشار القرآن الكريم إلى نوازع فطرة الإنسان نحو أبنائه، وشفقته عليهم، واهتمامه بهم، وخوفه عليهم بعد موته، قال تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} ، وقال تعالى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} ، كما أنَّ الإسلام في نظامه الاقتصادي أقرَّ للإنسان بالتمتع بثمرات جهوده ونشاطه؛ لأن هذا مما يتفق وما فُطِر عليه كل إنسان، بل إنَّ في أصل غريزة الإنسان رفضه أن يشاركه الغير في ثمرات جهوده، وإنما قد يرضى بهذه المشاركة لمعنًى آخر؛ كالحصول على ثواب الله تعالى، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الغريزة الإنسانية، قال تعالى: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} ، قال القرطبي في تفسير هذه الآية: أي جعل الله منكم غنيًّا وفقيرًا، فما الذين فضلوا بالرزق برادِّي مما زرقوا شيئًا على رقيقهم حتى يستوى المملوك والمالك في المال[1]، وفي آية أخرى قال تعالى: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ

[1] تفسير القرطبي ج10 ص141.
اسم الکتاب : أصول الدعوة المؤلف : عبد الكريم زيدان    الجزء : 1  صفحة : 243
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست