اسم الکتاب : أصول الدعوة المؤلف : عبد الكريم زيدان الجزء : 1 صفحة : 244
سَوَاءٌ} ، ويقول القرطبي في تفسير هذه الآية: من أنفسكم: "من" هنا للابتداء، كأنه قال: أخذ مثلًا وانتزعه من أقرب شيء منكم وهي أنفسكم. إلى أن قال الإمام القرطبي: والمعنى: هل يرضى أحدكم أن يكون مملوكه في ماله ونفسه مثله، فإذا لم ترضوا بهذا لأنفسكم فكيف جعلتم لله شركاء[1].
وعلى أساس مراعاة الفطرة الأنسانية قامت جملة مبادئ عامة في النظام الاقتصادي الإسلامي سنذكرها فيما بعد، ولكنَّ مراعاة الفطرة الإنسانية لا يعني السير وراءها كيفما سارت وإلى أية جهة اتجهت؛ لأن مراعاتها لا تقتضي ولا تستلزم هذه التبعية العمياء، وإنما تعني مراعاة أصلها، مع تهذيب لها ورقابة عليها إذا ما انحرفت أو تكدَّرت.
ثانيًا: مراعاة معاني الأخلاق
392- ويراعي النظام الاقتصادي معاني الأخلاق الفاضلة، فلا يجوز لإنسان أن يهدِر هذه المعاني أو يتخطَّى حدودها في أي جانب من جوانب نشاطه الاقتصادي؛ لأن المجتمع الإسلامي يقوم على معاني الأخلاق، كالمحبة والتعاون النظيف، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} ، فلا حسد ولا خصام ولا حقد ولا بغضاء ولا كذب ولا غش ولا خداع ولا غدر، وإذا ما صار في يد الإنسان مال لم يجز أن ينفقه في الفحش والرذيلة ومتع الجسد المحرمة، بل عليه أن ينفقه في السبل الحلال وتنفيس الكرب عن المكروب والمحتاجين، وإذا أراد أن ينمِّي الإنسان أمواله، فلا يجوز له أن ينمِّيها بما يفسد الأخلاق ويقطع روابط المودة بين أبناء المجتمع، كفتح حانات الخمور والفحش والإقراض بالربا، وهذه المراعاة لمعاني الأخلاق منها ما هو متروك لإيمان الإنسان ووجدانه، كالالتزام بالصدق والوفاء، ومنها ما تتدخل الدولة في إلزام الأفراد به وإجبارهم عليه، مثل منعهم من الربا وفتح محلات الفحش والخمور.
ثالثًا: التأكيد على سد حاجات الأفراد
393- للإنسان حاجات مادية ضرورية لا يمكنه العيش بدونها، كحاجته إلى [1] تفسير القرطبي ج14 ص22، 23.
اسم الکتاب : أصول الدعوة المؤلف : عبد الكريم زيدان الجزء : 1 صفحة : 244