اسم الکتاب : أصول الدعوة المؤلف : عبد الكريم زيدان الجزء : 1 صفحة : 242
هي الغاية للإنسان، وإنما هي وسيلة إلى الغاية التي خلق من أجلها وهي إعداد نفسه للدار الآخرة بعبادة ربه، فلا يجوز أن ينسى هذه الغاية إذا ظفر بوسائل الدنيا ومتاعها، ولا يجعل الدنيا أو شيئًا منها هي غايته. إن الحذاء وظيفته أن يضع الإنسان قدميه فيه، وإنَّ الدابة وظيفتها أن يركبها الإنسان ليبلغ المكان الذي يريده، فلا يجوز في فقه الإسلام ولا في إدراك العقل السليم أن يكون القصد من اقتناء الحذاء غاية في نفسه، ولا الحصول على الدابَّة غاية في نفسها، وهكذا متاع الدنيا يميل إليه المسلم كوسيلة فقط تسهِّل له بلوغ الغاية التي خُلِق من أجلها، وأنه سيفارق هذه الوسائل قطعًا، ولا يبقى له إلّا ما استفاده منها في عبادة ربه ومرضاته، إنَّ إدراك هذه المعاني واستحضارها في الذهن من الأمور الضرورية لضبط النشاط الاقتصادي على النحو الذي يريده الإسلام؛ لأن الضوابط الحقيقية لنشاط الإنسان هي التي تضبطه من داخله، تضبط ارداته وقصده ونظرته وميله، فإذا انضبط الداخل سهل ضبط الخارج، أي: النشاط الخارجي للإنسان، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه المعاني جميعًا في آيات كثيرة، منها:
{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُون} ، {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} ، {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} .
الفرع الثاني: خصائص النظام الاقتصادي الإسلامي
390- قلنا فيما سبق: إنَّ خصائص النظام الاقتصادي في الإسلام مراعاته للفطرة الإنسانية ومعاني الأخلاق الفاضلة، وتأكيده على سَدِّ حاجات الإنسان الضرورية للحياة، ونذكر فيما يلي شيئًا عن كل خصيصة بإيجاز.
اسم الکتاب : أصول الدعوة المؤلف : عبد الكريم زيدان الجزء : 1 صفحة : 242