responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دروس للشيخ سلمان العودة المؤلف : سلمان العودة    الجزء : 1  صفحة : 21
السعادة والسجن
عشرون: السعادة والسجن.
يظن الكثيرون أن السجناء لا يجدون طعم السعادة؛ لأنهم مقيدون، بينما الواقع أن السجناء في كثيرٍ من الأحيان هم أكثر حرية من الآخرين؛ لأنهم أحرار في وقتهم، لا أحد يدخل عليهم إلا بإذنهم وإرادتهم، وهم يتصرفون بأربع وعشرين ساعة يومياً كما يحلو لهم، وكما يريدون.
وهذه قمة السعادة.
يقول ابن القيم رحمه الله في الوابل الصيب: سمعت ابن تيمية يقول: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة, ما يصنع أعدائي بي، أنا جنتي وبستاني في صدري، حيثما ذهبت فهي معي لا تفارقني، إن حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة.
وكان محبوساً في القلعة ويقول: لو بذلتم ملء هذه القلعة ذهباً ما عدل عندي شكر هذه النعمة.
وقال: ما جزيتهم على ما تسببوا لي من الخير.
وكان يقول وهو في سجوده في الحبس: اللهم أعني على ذكرك وشكرك، وحسن عبادتك.
وقال مرة: المحبوس من حبس قلبه عن ربه، والمأسور من أسره هواه.
ولما دخل سجن القلعة وكان بداخله ونظر إلى السور قال: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد:13] .
يقول ابن القيم رحمه الله: وعلم الله ما رأيت أطيب عيشاً منه مع ما كان فيه من ضيق العيش، وخلاف الرفاهية، وضد النعيم، وما كان فيه من الحبس والتهديد والإرهاب، وهو مع ذلك من أطيب الناس عيشاًَ، وأشرحهم صدراً، وأقواهم قلباً، وأسرهم نفساً، تلوح نضرة النعيم من وجهه، وكنا إذا اشتد بنا الخوف ذهبنا إليه، وإذا ساءت بنا الظنون، وضاقت بنا الأرض بما رحبت، أتينا إليه فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه، فيذهب عنا ذلك كله وينقلب إلى انفساح وانشراح وسرور وقرة عين.

اسم الکتاب : دروس للشيخ سلمان العودة المؤلف : سلمان العودة    الجزء : 1  صفحة : 21
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست