responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دروس للشيخ سلمان العودة المؤلف : سلمان العودة    الجزء : 1  صفحة : 22
السعادة والقلق
واحد وعشرون: السعادة والقلق.
القلق جزءٌ أساسيٌ في حياتنا، وقدر من القلق ضروري للحاضر والمستقبل، لكن بحدود، بحيث لا ينتهي الأمر إلى أن تحس بالتعاسة.
بعض الناس يهرب من القلق عن طريق عدم مواجهة الحقيقة، والنتيجة أنه هرب إلى الحقيقة وأصبح أقرب وأقرب من القلق.
الآن وأنت في بداية عطلة يجب أن تحاول التخلص من القلق بطريقة عملية: أولاً: لا تطلب من نفسك أشياء فوق قدرتها، ولهذا يقال: قيل لأعرابي كان عنده أمة: يا أعرابي هل تتمنى أن تذهب عنك هذه الأمة، وأن تلي الخلافة؟ قال: لا والله.
قالوا له: ولم؟ قال: لأني أخشى أن تضيع الأَمة وأن تضيع الأُمة.
فرحم الله امرأً عرف قدر نفسه.
ثانياً: انظر إلى نفسك بعين الرضا، مع محاولة الإصلاح والتدارك.
ثالثاً: تذكر أن صحتك أحسن من صحة الآخرين.
رابعاً: استمتع بالنجاح.
خامساً: لا تحقد على أحدٍ على خيرٍ ناله من الله عز وجل: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة:54] .
لا تحزن الفتاة من زميلتها التي تزوجت، ولا تحزن الزوجة من زوجة أخرى تعيش مع غني أو وجيه، ولا تبكي المطلقة كلما قابلت زوجة سعيدة.
تنفس واملأ رئتيك بالهواء وقل: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} [الأعراف:43] إني في حالة جيدة، وأقنع نفسك أن اليوم أحسن من الأمس، وأن الغد أفضل من اليوم.
بودادي عليك هوِّن عليك الـ أمر لا بد من زوال المصاب سوف يصفو لك الزمان وتـ أتيك ضعون الأحبة الغُيَّاب وليالي الأحزان ترحل فالـ أحزان مثل المسافر الجوَّاب وإذا كان القلق يتعلق بما قد يصعب عليك تحقيق مصدره أو تحديد جهته، فهناك هموم المستقبل ومخاوفه وهي كثيرة.
إن من السعادة التخلص من المخاوف والهموم، وقد ذكر ابن حزم رحمه الله أنه نظر إلى الخلق كلهم، مسلمهم وكافرهم، غنيِّهم وفقيرهم، على اختلاف مللهم ومذاهبهم، قال: فوجدتهم جميعاً متفقين على مطلب واحد وهو طرد الهموم عنهم، ثم نظرت فوجدت أنه لا يطرد الهموم شيء كالإيمان بالله عز وجل، والتوكل عليه، والسجود له، والوقوع في الإخبات والانكسار بين يديه.
إن المخاوف كثيرة، والأمان هو في التوكل على الله عز وجل، والرضا بقدره، والخوف من وقوع الكارثة هو بحد ذاته كارثة، والخوف من الشيء أحياناً يكون أشد من وقوعه، وكما يقول المتنبي: كل ما لم يكن من الصعب في الـ أنفس سهل فيها إذا هو كانا فلا تخف ولا تحزن، {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت:30] لا تخافوا مما أمامكم، ولا تحزنوا على ما خلفتم وراءكم: دع المقادير تجري في أعِنَّتِها ولا تبيتن إلا خالي البال ما بين غمضة عينٍ وانتباهتها يغير الله من حالٍ إلى حال قد لا تستطيع طيور الهم أن تحلِّق فوق رأسك، لكن امنعها أن تعشش في داخله: قد عشت في الدهر أطواراً على طرقٍ شتى وجربت منها اللين والفظعا كلاً بلوت فلا النعماء تبطرني ولا تخشعت من لأوائها جزعا لا يملأ الأمر صدري قبل موقعه ولا أضيق به ذرعاً إذا وقعا يقول ابن الجوزي رحمه الله: ضاق بي أمر أوجب غماً لازماً، وهماً دائماً، وقد أخذت أبالغ في الفكر للخلاص من هذا الأمر بكل حيلةٍ وبكل وجه، فما رأيت طريقاً للخلاص فعرضت لي هذه الآية: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} [الطلاق:2] فعلمت أن التقوى سبب للمخرج من كل همٍ وغم، قال: فما كان إلا أن هممت بتحقيق التقوى، فوجدت المخرج.
فلا ينبغي لمخلوق أن يتوكل أو يتسبب أو يتفكر إلا في طاعة الله عز وجل وامتثال أمره، وليعلم أن الله كافيه فلا يعلق قلبه بالأسباب، {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:3] .

اسم الکتاب : دروس للشيخ سلمان العودة المؤلف : سلمان العودة    الجزء : 1  صفحة : 22
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست