responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان المؤلف : عبد الرحيم الطحان    الجزء : 1  صفحة : 419
وبذلك تعلم أن كل من الفرقتين ممثل معطل، لكن أخص أوصاف الممثلة التمثيل، كما أن أخص أوصاف المعطلة التعطيل، فكل من الفرقتين فهمت من صفات الرب- جل جلاله – ما فهمته من صفات العبد، لكن الممثلة قالوا بذلك المفهوم، والمعطلة لم يقولوا به، وكل من الفرقتين أيضاً عطلت صفات الله – جل وعلا – عن معانيها اللائقة بجماله وجلاله، غير أن المعطلة نفت تلك الصفات، أما الممثلة فأثبتتها على ما هو معروف في المخلوقات، والطريقتان منكرتان فالممثل يعبد صنماً، والمعطل عدماً [1] .

[1] انظر إيضاح ما تقدم وتفصيله في مجموع الفتاوى: (5/27) ، وفيه: كل واحد من فريقي التعطيل والتمثيل فهو جامع بين التعطيل والتمثيل.... إلخ ونحوه في: (10/55) ، وفي: (6/515) الممثل يعبد صنماً، والممثل يعبد عدماً، وكرر ذلك في: (12/73) .
واعلم أن حال الممثلة والمعطلة يشبه حال اليهود والنصارى من حيث جمع كل من الفرقتين لما هو موجود في الأخرى، وتميز كل مهما بوصف هو فيها أخص، فإذا كان كل من المعطلة والممثلة معطلا ً وممثلا ً. وأخص أوصاف الممثلة التمثيل، كما أن أخص أوصاف المعطلة التعطيل فإن اليهود والنصارى كل منهما مغضوب عليه وضال، وأخذ أوصاف اليهود الغضب، كما أن أخض أوصاف النصارى الضلال، كما ورد ذلك عن نبينا – صلى الله عليه وسلم – فقال: "اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضلال" أخرج ذلك الترمذي في كتاب التفسير – سورة الفاتحة – عن عديّ بن حاتم – رضي الله تعالى عنه –: (4/271-272) ، وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث سماك بن حرب، وهو في المسند: (4/378) ، ورواه الإمام أحمد أيضاً في: (5/77) عن صحابي لا يعرف اسمه، وعنون عليه: حديث رجل – رضي الله تعالى عنه – عن عبد الله بن شقيق أنه أخبره من سمع النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو بوادي القُرى، وهو على فرسه، وسأله رجل من بني القين، فقال: يا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من هؤلاء؟ قال: هؤلاء المغضوب عليهم، فأشار إلى اليهود،..الحديث. قال الإمام ابن كثير في تفسيره: (1/29) : وقد روي حديث عديّ – رضي الله تعالى عنه – من طرق يطول ذكرها 10هـ فتفسير النبي – صلى الله عليه وسلم – للمغضوب عليهم باليهود، وللضالين بالنصارى من باب تفسير اللفظ بأخص أنواعه، وبما هو مقصود منه قصداً أولياً، ولذلك لا مانع من شمول كل من اللفظين لمن تحقق معناهما فيه، فطريقة أهل الإيمان مشتملة على العلم والحق، والعمل به. واليهود فقدوا العمل، والنصارى فقدوا العلم، ولهذا كان الغضب لليهود، والضلال للنصارى لأن من علم ولم يعمل بعلمه، استوجب غضب ربه، كما قال الله – جل وعلا –: {كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} الصف3 والمقت: أشد الغضب، وهذا يختلف عن حال من لم يعلم كما هو حال النصارى الذين قصدوا شيئاً ولم يهتدوا إلى طريقه، لأنهم لم يأتوا الأمر من بابه، وهو إتباع الحق، فلذلك ضلوا، وكل من اليهود والنصارى ضال مغضوب عليه لكن أخص أوصاف اليهود الغضب، وأخص أوصاف النصارى الضلال، كما في تفسير ابن كثير: (1/29) ، وعلى هذا فكل من قصر وفرط في أحد شطري طريقة أهل الإيمان: العلم بالحق، والعمل به، ففيه شبه باليهود أو النصارى، ولذلك كان من انحرف من علماء هذه الأمة ففيه شبه باليهود، ومن انحرف من عبادها ففيه شبه بالنصارى، وبفساد هذين يفسد الدين، كما قال إمام المسلمين عبد الله بن المبارك – عليه رحمة رب العالمين -:
وهل أفسد الدين إلا الملوك ... وأحبارُ سَوْءٍ وَرُهْبانُها
وقد تقدمت الأبيات في صفحة (......) من هذا الكتاب المبارك وقد حذر سلفنا الصالح كما في مجموع الفتاوى: (14/459، 494) ، وصاحب هوى متبع لهواه.
اسم الکتاب : خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان المؤلف : عبد الرحيم الطحان    الجزء : 1  صفحة : 419
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست