اسم الکتاب : خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان المؤلف : عبد الرحيم الطحان الجزء : 1 صفحة : 390
.. قال الشيخ ابن تيمية – عليه رحمة الله تعالى –: ما وصف الله – جل وعلا – به نفسه من الصفات السلبية فلابد أن يتضمن معنى ثبوتياً، فالكمال هو في الوجود والثبوت، والنفي مقصوده نفي ما يناقض ذلك، فإذا نفى النقيض الذي هو العدم والسلب لزم ثبوت النقيض الآخر الذي هو الوجود والثبوت، وقال أيضاً: الصفات السلبية إنما تكون كمالا ً إذا تضمنت أموراً وجودية، ولهذا كان تسبيح الرب – جل جلاله – يتضمن تنزيهه وتعظيمه جميعاً، فقول العبد: سبحان الله، يتضمن تنزيه الله وبراءته من السوء، وهذا المعنى يتضمن عظمته في نفسه، وليس هو عدماً محضاً لا يتضمن وجوداً، فإن هذا لا مدح فيه ولا تعظيم، وكذلك سائر ما تنزه الرب عنه من الشركاء والأولاد، وغير ذلك، فنفي العيوب والنقائص يستلزم ثبوت الكمال، ونفي الشركاء يقتضي الوحدانية وهو من تمام الكمال.
... قال عبد الرحيم الطحان – ختم الله الكريم له بالإحسان التام –: وإنما كان النفي المجرد لا مدح فيه، وإذا لم يدل على ثبوت ما يضاده فلا خير فيه، لأربعة أمور محكمة، فاسمعها واشكر لله نعمه:
الأول: النفي المحض عدم محض، والعدم يكفي في تحقيره وتوهين أمره أنه عدم، فهو ليس بشيء وما ليس بشيء فهو كما قيل: ليس بشيء فضلا ً عن أن يكون مدحاً أو كمالا ً.
الثاني: العدم المحض يوصف به المعدوم والممتنع، والمعدوم والممتنع لا يوصف بمدح ولا كمال.
الثالث: قد يكون سبب النفي عدم القابلية، وليس في ذلك مدح كقولك: الجرار لا يظلم، ولا يغدر.
الرابع: قد يكون سبب النفي العجز، ولذلك ذم الشاعر قبيلة لكونهم لا يغدرون ولا يظلمون، وإنما ذمهم بنفي ذينك الوصفين عنهم، لأن سبب امتناعهم عنهما خستهم وضعفهم، وحقارتهم ومسكنتهم، لا عد لهم وأمانتهم، فهم قوم لئام تتحرق قلوبهم على فعل الآثام ولكن لا يستطيعون الغدر والعدوان، لما فيهم من ضعف وامتهان، فإذا ظلموا الناس صاعاً ظلموهم صاعين، قال الشاعر:
اسم الکتاب : خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان المؤلف : عبد الرحيم الطحان الجزء : 1 صفحة : 390