سعيد بن المسيب كان لا يذكر اسم علي بن أبي طالب في الروايات والأحاديث التي سمعها منه خوفا من ولاة الأمويين وبطشهم [222] .
ولم يكن موقف الأمويين في تحجيم سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم ناتجا من ورود اسم الإمام علي عليه السّلام ضمن طياتها فقط بل كان دور الأنصار فيها عاملا آخر أدى بطبيعة الحال إلى هذه النتيجة فقد كانت الرواية التي أوردها الزبير بن بكار (ت [224] هـ) من تمزيق سليمان بن عبد الملك للمغازي التي كتبها أبان بن عثمان بعد ما وجد فيها تسجيلا لمواقف الأنصار المشرفة [223] ، إذ أشار قبيصة بن ذؤيب* إلى أسباب هذا الكره الذي يكنه الأمويون للأنصار بعد ما سأله سليمان عن ذلك فأجاب قبيصة بالقول: " يا ابن أخي أول من أحدث ذلك معاوية بن أبي سفيان ثم أحدثه مروان ثم أحدثه أبوك، فقال: علام ذلك؟ فقال: لأنهم قتلوا قوما من قومكم وما كان في خذلانهم عثمان (رض) فحقدوا عليهم وحنقوهم وأورثوه لكم" [224] ، ويضيف البلاذري في مكان آخر أن عبد الملك قد مر على بعض ولده فرأى في أيديهم بعضا من الصحائف فيها ذكر للمغازي فأخذها وحرقها وقال عليك بكتاب الله فاقرأه والسنة فأعرفها وأعمل بها [225] . [222] ينظر، الحاوي للفتاوى، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، مكتبة نهضة مصر، 1374 هـ، 2/ 208. [223] ينظر، الأخبار الموفقيات، ص 332- 333.
(*) تابعي من المدنيين الذين سكنوا دمشق وكان فقيها ومن أعلم الناس بقضاء زيد بن ثابت وجعله عبد الملك بن مروان من خاصته (ت 86 هـ) ، ينظر، ابن قتيبة، المعارف، ص 447، ابن عبد البر، الاستيعاب، 4/ 1272، ابن الأثير، أسد الغابة، 4/ 191. [224] البلاذري، أنساب الأشراف، مخطوطة مصورة في مجمع اللغة العربي، دمشق، 1/ 1165، نقلا عن عطوان، الرواية التأريخية في بلاد الشام، ص 77- 78. [225] ينظر، المصدر نفسه، 1/ 1165، نقلا عن عطوان، المصدر نفسه، ص 78.